responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 78
عَظِيمَةً جِدًّا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، وَصَلَبَ مِنْهُمْ سِمَاطَيْنِ فِي مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ فِي نِظَامٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ مِمَّا كَسَرَ جُمُوعَهُمْ كُلَّهُمْ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ هَرَبَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَأَخَوَاهُ الْمُفَضَّلُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ سِجْنِ الْحَجَّاجِ، فَلَحِقُوا بِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَمَّنَهُمْ مِنَ الْحَجَّاجِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ قَدِ احْتَاطَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ وَعَاقَبَهُمْ عُقُوبَةً عَظِيمَةً، وَأَخَذَ مِنْهُمْ سِتَّةَ آلَافِ أَلْفٍ، وَكَانَ أَصْبَرَهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، كَانَ لَا يُسْمَعُ لَهُ صوت ولو فعلوا به ما فعلوا نكاية لذلك، وكان ذلك يغيظ الحجاج، قَالَ قَائِلٌ لِلْحَجَّاجِ: إِنَّ فِي سَاقِهِ أَثَرَ نُشَّابَةٍ بَقِيَ نَصْلُهَا فِيهِ، وَإِنَّهُ مَتَى أَصَابَهَا شَيْءٌ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ أَنْ يَصْرُخَ، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ أَنْ يُنَالَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْهُ بِعَذَابٍ، فَصَاحَ فَلَمَّا سَمِعَتْ أُخْتُهُ هِنْدُ بِنْتُ الْمُهَلَّبِ- وَكَانَتْ تَحْتَ الْحَجَّاجِ- صَوْتَهُ بَكَتْ وَنَاحَتْ عَلَيْهِ فَطَلَّقَهَا الْحَجَّاجُ ثُمَّ أَوْدَعَهُمُ السِّجْنَ، ثُمَّ خَرَجَ الْحَجَّاجُ إِلَى بَعْضِ الْمَحَالِّ لِيُنْفِذَ جَيْشًا إِلَى الْأَكْرَادِ وَاسْتَصْحَبَهُمْ مَعَهُ، فَخَنْدَقَ حَوْلَهُمْ وَوَكَّلَ بِهِمُ الْحَرَسَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي أَمَرَ يزيد ابن المهلب بطعام كثير فصنع للحرس، ثُمَّ تَنَكَّرَ فِي هَيْئَةِ بَعْضِ الطَّبَّاخِينَ وَجَعَلَ لحيته لحية بيضاء وخرج فَرَآهُ بَعْضُ الْحَرَسِ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ مِشْيَةً أَشْبَهَ بِمِشْيَةِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ مِنْ هَذَا، ثم تبعه يَتَحَقَّقُهُ، فَلَمَّا رَأَى بَيَاضَ لِحْيَتِهِ انْصَرَفَ عَنْهُ، ثُمَّ لَحِقَهُ أَخَوَاهُ فَرَكِبُوا السُّفُنَ وَسَارُوا نَحْوَ الشَّامِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْحَجَّاجَ هَرَبُهُمُ انْزَعَجَ لِذَلِكَ وَذَهَبَ وَهْمُهُ أَنَّهُمْ سَارُوا إِلَى خُرَاسَانَ، فَكَتَبَ إِلَى قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ يُحَذِّرُهُ قُدُومَهُمْ وَيَأْمُرُهُ بِالِاسْتِعْدَادِ لَهُمْ، وَأَنْ يَرْصُدَهُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَكْتُبَ إِلَى أُمَرَاءِ الثُّغُورِ وَالْكُوَرِ بِتَحْصِيلِهِمْ.
وَكَتَبَ إلى أمير المؤمنين يُخْبِرُهُ بِهَرَبِهِمْ، وَأَنَّهُ لَا يَرَاهُمْ هَرَبُوا إِلَّا إلى خراسان، وخاف الحجاج من يزيد أن يصنع كما صنع ابن الْأَشْعَثِ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ وَجَمْعِ النَّاسِ لَهُ، وتحقق عنده قول الراهب.
وَأَمَّا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ فَإِنَّهُ سَلَكَ عَلَى الْبَطَائِحِ وَجَاءَتْهُ خُيُولٌ كَانَ قَدْ أَعَدَّهَا لَهُ أَخُوهُ مَرْوَانُ بْنُ الْمُهَلَّبِ لِهَذَا الْيَوْمِ، فَرَكِبَهَا وَسَلَكَ بِهِ دَلِيلٌ مِنْ بَنِي كَلْبٍ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ يَزِيدَ، فَأَخَذَ بِهِمْ عَلَى السَّمَاوَةِ، وَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى الْحَجَّاجِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَنَّ يَزِيدَ قَدْ سَلَكَ نَحْوَ الشَّامِ، فَكَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، وَسَارَ يَزِيدُ حَتَّى نَزَلَ الْأُرْدُنَّ عَلَى وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيِّ- وَكَانَ كَرِيمًا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ- فَسَارَ وُهَيْبٌ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ وَأَخَوَيْهِ فِي مَنْزِلِي، قَدْ جَاءُوا مُسْتَعِيذِينَ بك من الحجاج، قال: فاذهب فأتنى بِهِمْ فَهُمْ آمِنُونَ مَا دُمْتُ حَيًّا، فَجَاءَهُمْ فَذَهَبَ بِهِمْ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَمَّنَهُمْ سُلَيْمَانُ وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ الْوَلِيدِ: إِنَّ آلَ الْمُهَلَّبِ قَدْ أَمَّنْتُهُمْ، وَإِنَّمَا بَقِيَ لِلْحَجَّاجِ عِنْدَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافِ أَلْفٍ، وَهِيَ عندي. فكتب إليه الوليد: لَا وَاللَّهِ لَا أُؤَمِّنُهُ حَتَّى تَبْعَثَ بِهِ إِلَيَّ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: لَا وَاللَّهِ لَا أَبْعَثُهُ حَتَّى أَجِيءَ مَعَهُ، فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَفْضَحَنِي أَوْ تُخْفِرَنِي فِي جِوَارِي. فكتب إليه: لا والله لا تجيء مَعَهُ وَابْعَثْ بِهِ إِلَيَّ فِي وَثَاقٍ. فَقَالَ يزيد: ابعث

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست