نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 339
مُعَانَدَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ ضَرَرُهُمْ أَشَدَّ، أَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَقَدْ بَعَثَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ أَمِيرُ الْعِرَاقِ وَفْدًا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَسْأَلُ مِنْهُ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ نِيَابَةَ خُرَاسَانَ، وَتَكَلَّمُوا فِي نصر بن سيار بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَهْمًا شُجَاعًا، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَبِرَ وَضَعُفَ بَصَرُهُ فَلَا يَعْرِفُ الرَّجُلَ إِلَّا مِنْ قَرِيبٍ بِصَوْتِهِ، وَتَكَلَّمُوا فِيهِ كَلَامًا كَثِيرًا، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى ذَلِكَ هِشَامٌ، وَاسْتَمَرَّ بِهِ عَلَى إِمْرَةِ خُرَاسَانَ وَوِلَايَتِهَا. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا يَزِيدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْعُمَّالُ فِيهَا مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ مِنْ أَهْلِ دمشق، وأبو يونس سليمان بن جبير، وسماك بن حرب، ومحمد ابن واسع بن حيان، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَرَاجِمَهُمْ فِي كِتَابِنَا التَّكْمِيلِ وللَّه الحمد.
[قال محمد بن واسع: أول من يدعى يوم القيامة إلى الحساب القضاة. وقال: خمس خصال تميت القلب: الذنب على الذنب، ومجالسة الموتى، قيل له: ومن الموتى؟ قال: كل غنى مترف، وسلطان جائر. وكثرة مشاقة النساء، وحديثهن، ومخالطة أهله. وقال مالك بن دينار: إني لأغبط الرجل يكون عيشه كفافا فيقنع به. فقال محمد بن واسع: أغبط منه والله عندي من يصبح جائعا وهو عن الله راض. وقال: ما آسى عن الدنيا إلا على ثلاث: صاحب إذا اعوججت قومنى، وصلاة في جماعة يحمل عنى سهوها وأفوز بفضلها، وقوت من الدنيا ليس لأحد فيه منة، ولا للَّه على فيه تبعة. وروى رواد بن الربيع قال: رأيت محمد بن واسع بسوق بزور وهو يعرض حمارا له للبيع، فقال له رجل:
أترضاه لي؟ فقال لو رضيته لم أبعه.
ولما ثقل محمد بن واسع كثر عليه الناس في العيادة، قال بعض أصحابه: فدخلت عليه فإذا قوم قعود وقوم قيام، فقال: ماذا يغنى هؤلاء عنى إذا أخذ بناصيتي وقدمي غدا وألقيت في النار؟! وبعث بعض الخلفاء مالا مستكثرا إلى البصرة ليفرق في فقراء أهلها، وأمر أن يدفع إلى محمد بن واسع منه فلم يقبله ولم يلتمس منه شيئا، وأما مالك بن دينار فإنه قبل ما أمر له به، واشترى به أرقاء وأعتقهم ولم يأخذ لنفسه منه شيئا، فجاءه محمد بن واسع يلومه على قبوله جوائز السلطان. فقال له: يا مالك قبلت جوائز السلطان؟ فقال له مالك: يا أبا عبد الله! سل أصحابى ماذا فعلت منه، فقالوا له: إنه اشترى به أرقاء وأعتقهم، فقال له: سألتك باللَّه أقلبك الآن لهم مثل ما كان قبل أن يصلوك. فقام مالك وحثا على رأسه التراب وقال: إنما يعرف الله محمد بن واسع، إنما مالك حمار إنما مالك حمار، وكلام محمد بن واسع كثير جدا رحمه الله] [1] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا غَزَا سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بلاد الروم فلقى ملك الروم اليون فقاتله فسلم سليمان وغنم.
[1] زيادة من المصرية.
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 339