responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 30
ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقُتِلَ مَعَهُ خَلْقٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مَنْ خَرَجَ مِنَ النَّاسِ صُحْبَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ مِنْ أَرْضِ رُتْبِيلَ، وَهُمْ قليل، وبلغ ذلك الحجاج فأخذ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ وَيَسْتَشِيرُهُ فِي بَعْثِ جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى بِلَادِ رُتْبِيلَ لِيَنْتَقِمُوا مِنْهُ بِسَبَبِ مَا حَلَّ بِالْمُسْلِمِينَ فِي بِلَادِهِ، فَحِينَ وَصَلَ الْبَرِيدُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ بالموافقة على ذَلِكَ، وَأَنْ يُعَجِّلَ ذَلِكَ سَرِيعًا، فَحِينَ وَصَلَ الْبَرِيدُ إِلَى الْحَجَّاجِ بِذَلِكَ أَخَذَ فِي جَمْعِ الْجُيُوشِ فَجَهَّزَ جَيْشًا كَثِيفًا لِذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا. وَقِيلَ إِنَّهُ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ ثَلَاثُونَ أَلْفًا وَابْتِيعَ الرَّغِيفُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِدِينَارٍ وَقَاسَوْا شَدَائِدَ، وَمَاتَ بِسَبَبِ الْجُوعِ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ أَيْضًا، فَإِنَّا للَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَقَدْ قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ التُّرْكِ خَلْقًا كَثِيرًا أَيْضًا قَتَلُوا أَضْعَافَهَمْ وَيُقَالُ إِنَّهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَعْفَى شُرَيْحٌ مِنَ الْقَضَاءِ فَأَعْفَاهُ الْحَجَّاجُ مِنْ ذَلِكَ وَوَلَّى مَكَانَهُ أَبَا بُرْدَةَ ابن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَةُ شُرَيْحٍ عِنْدَ وَفَاتِهِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أبان بن عثمان أمير المدينة النبويّة، وفيها قُتِلَ قَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ التَّمِيمِيُّ أَبُو نَعَامَةَ الْخَارِجِيُّ، وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ الْمَشَاهِيرِ، وَيُقَالُ إِنَّهُ مَكَثَ عِشْرِينَ سَنَةً يُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ بِالْخِلَافَةِ، وَقَدْ جَرَتْ لَهُ خُطُوبٌ وَحُرُوبٌ مَعَ جَيْشِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ مِنْ جِهَةِ الْحَجَّاجِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْهَا طَرَفًا صَالِحًا فِي أَمَاكِنِهِ، وَكَانَ خُرُوجُهُ فِي زَمَنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَتَغَلَّبَ عَلَى قِلَاعٍ كَثِيرَةٍ وَأَقَالِيمَ وَغَيْرِهَا، وَوَقَائِعُهُ مَشْهُورَةٌ وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ جُيُوشًا كبيرة فَهَزَمَهَا، وَقِيلَ إِنَّهُ بَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ الْحَرُورِيَّةِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ أَعْجَفَ وَبِيَدِهِ عَمُودُ حَدِيدٍ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ كَشَفَ قَطَرِيٌّ عَنْ وَجْهِهِ فَوَلَّى الرَّجُلُ هَارِبًا فَقَالَ لَهُ قَطَرِيٌّ إِلَى أَيْنَ؟ أَمَا تَسْتَحِي أَنْ تَفِرَّ وَلَمْ تَرَ طَعْنًا وَلَا ضَرْبًا؟ فَقَالَ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْتَحِي أَنْ يَفِرَّ مِنْ مِثْلِكَ، ثُمَّ إِنَّهُ فِي آخِرِ أَمْرِهِ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ بْنُ الْأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ فِي جَيْشٍ فَاقْتَتَلُوا بِطَبَرِسْتَانَ، فَعَثَرَ بِقَطَرِيٍّ فَرَسُهُ فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ فَتَكَاثَرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَحَمَلُوا رَأْسَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ، وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ سَوْدَةُ بْنُ الْحُرِّ الدَّارِمِيُّ، وَكَانَ قَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ مَعَ شَجَاعَتِهِ الْمُفَرِطَةِ وَإِقْدَامِهِ مِنْ خُطَبَاءَ الْعَرَبِ الْمَشْهُورِينَ بِالْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ وَجَوْدَةِ الْكَلَامِ وَالشِّعْرِ الْحَسَنِ، فَمِنْ مُسْتَجَادِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ يُشَجِّعُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَمَنْ سَمِعَهَا انْتَفَعَ بِهَا:
أَقُولُ لَهَا وَقَدْ طَارَتْ شَعَاعًا ... مِنَ الْأَبْطَالِ وَيْحَكِ لَنْ تُرَاعِي
فَإِنَّكِ لَوْ طلبت بَقَاءَ يَوْمٍ ... عَلَى الْأَجَلِ الَّذِي لَكَ لِمَ تُطَاعِي
فَصَبْرًا فِي مَجَالِ الْمَوْتِ صَبْرًا ... فَمَا نيل الخلود بمستطاعى
وَلَا ثَوْبُ الْحَيَاةِ بِثَوْبِ عِزٍّ ... فَيُطْوَى عَنْ أخى الخنع اليراعى

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست