نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 299
يومى إلى الليل. وبهذا الاسناد أن رجلا من العباد قال لمعلمه: قطعت الهوى فلست أهوى من الدنيا شيئا. فقال له معلمه: أتفرق بين النساء والدواب إذا رأيتهن معا؟ قال: نعم، قال أتفرق بين الدنانير والدراهم والحصا؟ قال نعم، قال: يا بنى إنك لم تقطع الهوى عنك ولكنك قد أوثقته فاحذر انفلاته وانقلابه.
وقال غوث بن جابر بن غيلان بن منبه: حدثني عقيل بن معقل عن وهب قال: اعمل في نواحي الدين الثلاث، فان للدين نواحي ثلاثا، هن جماع الأعمال الصالحة لمن أراد جمع الصالحات «أولاهن» تعمل شكرا للَّه على الأنعم الكثيرات الغاديات الرائحات، الظاهرات الباطنات، الحادثات القديمات، يعمل المؤمن شكرا لهن ورجاء تمامهن «والناحية الثانية من الدين» رغبة في الجنة التي ليس لها ثمن وليس لها مثل، ولا يزهد فيها وفي العمل لها إلا سفيه فاجر، أو منافق كافر «والناحية الثالثة من الدين» أن يعمل المؤمن فرارا من النار التي ليس لأحد عليها صبر، ولا لأحد بها طاقة ولا يدان، وليست مصيبتها كالمصيبات، ولا حزن أهلها كالأحزان، نبأها عظيم، وشأنها شديد، والآخرة وحزنها فظيع، ولا يغفل عن الفرار والتعوذ باللَّه منها إلا سفيه أحمق خاسر، قد خسر الدنيا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ 22: 11.
وقال إسحاق بن راهويه: حدثنا عبد الملك بن محمد الدمادى قال أخبرنى محمد بن سعيد بن رمانة قال أخبرنى أبى قال قيل لوهب: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: بلى، ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان، فمن أتى الباب بمفتاح بأسنانه فتح له، ومن لم يأت الباب بمفتاح بأسنانه لم يفتح له. وقال محمد: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا يقول: ركب ابن ملك في جند من قومه وهو شاب، فصرع عن فرسه فدق عنقه فمات في أرض قريبة من القرى، فغضب أبوه وحلف أن يقتل أهل تلك القرية عن آخرهم، وأن يطأهم بالأفيال، فما أبقت الأفيال وطئته الخيل، فما أبقت الخيل وطئته الرجال، فتوجه إليهم بعد أن سقى الأفيال والخيل الخمر وقال: طأوهم بالأفيال، وإلا فما أبقت الأفيال فلتطأه الخيل، فما أخطأته الخيل فلتطأه الرجال فلما سمع بذلك أهل تلك القرية وعرفوا أنه قد قصدهم لذلك، خرجوا بأجمعهم فجأروا إلى الله سبحانه وعجوا إليه وابتهلوا يدعونه تعالى ليكشف عنهم شر هذا الملك الظالم، وما قصده من هلاكهم.
فبينما الملك وجيشه سائرون على ذلك، وأهل القرية في الابتهال والدعاء والتضرع إلى الله تعالى، إذ نزل فارس من السماء فوقع بينهم، فنفرت الأفيال فطغت على الخيل وطغت الخيل على الرجال، فقتل الملك ومن معه وطأ بالأفيال والخيل، ونجى الله أهل تلك القرية من بأسهم وشرهم.
وروى عبد الرزاق عن المنذر بن النعمان أنه سمع وهبا يقول: قال الله تعالى لصخرة بيت
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 299