نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 293
إلى؟ أظننت أنى أتيتك بغيره وخنتك فيما ائتمنتني عليه؟ ما كنت لأفعل والله. فقال له العالم:
قد علمت أنه هو، ولكن خفت أن يتأسى الناس بى، وهم إنما ينتظرون أكلى منه، ولا يعلمون إلا أنى إنما أكلت لحم الخنزير، وكذلك كل من أريد على أكله فيما يأتى من الزمان يقول: قد أكله فلان، فأكون فتنة لهم. فقتل رحمه الله. فينبغي للعالم أن يحذر المعايب، ويجتنب المحذورات، فان زلته وناقصته منظورة يقتدى بها الجاهل. وقال معاذ بن جبل: اتقوا زيغة الحكيم، وقال غيره:
اتقوا زلة العالم، فإنه إذا زل زل بزلته عالم كبير. ولا ينبغي له أن يستهين بالزلة وإن صغرت، ولا يفعل الرخص التي اختلف فيها العلماء، فان العالم هو عصاة كل أعمى من العوام، بها يصول على الحق ليدحضه، ويقول: رأيت فلانا العالم، وفلانا وفلانا يفعلون ويفعلون. وليجتنب العوائد النفسية، فإنه قد يفعل أشياء على حكم العادة فيظنها الجاهل جائزة أو سنة أو واجبة، كما قيل: سل العالم يصدقك ولا تقتد بفعله الغريب، ولكن سله عنه يصدقك إن كان ذا دين، وكم أفسد النظر إلى غالب علماء زمانك هذا من خلق، فما الظن بمخالطتهم ومجالستهم ولكن مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَمن يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً 18: 17.
وقال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ: حَدَّثَنَا عبد الرزاق عن أبيه قال: قلت لوهب بن منبه:
كنت ترى الرؤيا فتخبرنا بها، فلا نلبث أن نراها كما رأيتها، قال: ذهب ذلك عنى منذ وليت القضاء. قال عبد الرزاق: فحدثت به معمرا فقال: والحسن بعد ما ولى القضاء لم يحمدوا فهمه، فمن يأمن القراء بعدك يا شهر؟ فكيف حال من قد غرق في قاذورات الدنيا من علماء زمانك هذا، ولا سيما من بعد فتنة تمرلنك؟ فان القلوب قد امتلأت بحب الدنيا، فلا يجد العلم فيها موضعا، فجالس من شئت منهم لتنظر مبادئ مجالستهم وغاياتها، ولا تستخفك البدوات، فإنما الأمور بعواقبها وخواتيمها ونتائجها، وغاياتها. وَمن يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ من حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ 65: 2- 3 وقال وهب: البلاء للمؤمن كالشكال للدابة. وقال أبو بلال الأشعري عن أبى شهاب الصنعاني عن عبد الصمد عن وهب قال: من أصيب بشيء من البلاء فقد سلك به طريق الأنبياء. وقال عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ:
حدثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا منذر قال: سمعت وهبا يقول: قرأت في كتاب رجل من الحواريين:
إذا سلك بك طريق- أو قال سبيل- أهل البلاء فطب نفسا، فقد سلك بك طريق الأنبياء والصالحين وقال الامام أحمد: حدثنا أحمد بن جعفر حدثنا إبراهيم بن خالد حدثني أمية بن شبل عن عثمان بن بزدويه قال: كنت مع وهب وسعيد بن جبير يوم عرفة تحت نخيل ابن عامر، فقال وهب لسعيد:
يا أبا عبد الله! كم لك منذ خفت من الحجاج؟ قال: خرجت عن امرأتي وهي حامل فجاءني الّذي في بطنها وقد خرج [شعر] وجهه، فقال له وهب: إن من كان قبلكم كان إذا أصابه بلاء عده رجاء،
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 293