نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 274
ومكاثرة أقرانه، وجفوة سلطانه؟ ثم قال: أيها الوارث: لا تخدعن كما خدع صويحبك بالأمس، جاءك هذا المال لم تتعب لك فيه يمين، ولم يعرق لك فيه جبين، جاءك ممن كان له جموعا منوعا، من باطل جمعه، من حق منعه، ثم قال الحسن: إن يوم القيامة لذو حسرات، الرجل يجمع المال ثم يموت ويدعه لغيره فيرزقه الله فيه الصلاح والإنفاق في وجوه البر، فيجد ماله في ميزان غيره. وكان الحسن يتمثل بهذا البيت في أول النهار يقول:
وما الدنيا بباقية لحي ... ولا حي على الدنيا بباق
وبهذا البيت في آخر النهار:
يسر الفتى ما كان قدم من تقى ... إذا عرف الداء الّذي هو قاتله
ولد الحسن في خلافة عمر بن الخطاب وأتى به إليه فدعا له وحنكه. ومات بالبصرة في سنة عشر ومائة والله سبحانه وتعالى أعلم.
مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عمرو الْأَنْصَارِيُّ، مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ النَّضْرِيِّ، كَانَ أبوه من سبى عين التمر أسره في جملة السبي خالد بن الوليد فاشتراه أنس ثم كاتبه. وقد ولد له من الْأَخْيَارِ جَمَاعَةٌ، مُحَمَّدٌ هَذَا، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، ومعبد، ويحيى، وحفصة، وكريمة، وكلهم تابعيون ثقات أجلاء، رحمهم الله تعالى.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وُلِدَ مُحَمَّدٌ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَةِ عُثْمَانَ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: هُوَ أصدق من أدركت من البشر. وقد تقدم هذا كله فيما ذكره المؤلف.
كان ابن سيرين إذا ذكر عنده رجل بسوء ذكره بأحسن ما يعلم. وقال خلف بن هشام: كان محمد بن سيرين قد أعطى هديا وسمتا وخشوعا، وكان الناس إذا رأوه ذكروا الله. ولما مات أنس بن مالك أوصى أن يغسله محمد بن سيرين- وكان محمد محبوسا- فقالوا له في ذلك، فقال: أنا محبوس فقالوا: قد استأذنا الأمير في إخراجك، قال: إن الأمير لم يحبسني، إنما حبسني من له الحق، فأذن له صاحب الحق فغسله. وقال يونس: ما عرض لمحمد بن سيرين أمران إلا أخذ بأوثقهما في دينه، وقال: إني لأعلم الذنب الّذي حملت بسببه، إني قلت يوما لرجل: يا مفلس، فذكر هذا لأبى سليمان الدارانيّ فقال: قلت ذنوبهم فعرفوا من أين أتوا. ومثلنا قد كثرت ذنوبنا فلم ندر من أين نؤتى، ولا بأي ذنب نؤخذ. وكان إذا دعي إلى وليمة يدخل منزله فيقول: ايتوني بشربة سويق فيشربها ويقول: إني أكره أن أحمل جوعي إلى موائدهم وطعامهم: وكان يدخل السوق نصف النهار فيكبر الله ويسبحه ويذكره ويقول: إنها ساعة غفلة الناس، وقال: إذا أراد الله بعبد خيرا جعل له واعظا
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 274