نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 256
اللَّهِ، فَبُهِتَ وَأَبْلَسَ وَلَمْ يَنْطِقْ وَتَحَيَّرَ وَخَجِلَ، ثُمَّ قَالَتْ: قَاتَلَ اللَّهُ جَمِيلًا حَيْثُ يَقُولُ: -
محا اللَّهُ مَنْ لَا يَنْفَعُ الْوُدُّ عِنْدَهُ ... وَمَنْ حبله إن صد غَيْرُ مَتِينِ
وَمَنْ هُوَ ذُو وَجْهَيْنِ لَيْسَ بدائم ... على العهد حلافا بِكُلِّ يَمِينِ
ثُمَّ شَرَعَ كُثَيِّرٌ يَعْتَذِرُ وَيَتَنَصَّلُ مِمَّا وَقَعَ مِنْهُ وَيَقُولُ فِي ذَلِكَ الْأَشْعَارَ ذَاكِرًا وَآثِرًا. وَقَدْ مَاتَتْ عَزَّةُ بِمِصْرَ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، وَزَارَ كُثَيِّرٌ قَبْرَهَا وَرَثَاهَا وَتَغَيَّرَ شِعْرُهُ بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ:
مَا بَالُ شِعْرِكَ تَغَيَّرَ وَقَدْ قَصَّرَتْ فيه؟ فقال: ماتت عزة ولا أَطْرَبُ، وَذَهَبَ الشَّبَابُ فَلَا أَعْجَبُ، وَمَاتَ عَبْدُ العزيز بن مروان فلا أرغب، وإنما ينشأ الشِّعْرُ عَنْ هَذِهِ الْخِلَالِ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ وَوَفَاةُ عِكْرِمَةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَمِائَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ- أَعْنِي سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ- وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ
[فَفِيهَا افْتَتَحَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَيْسَارِيَّةَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، وَفَتَحَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ حِصْنًا مِنْ حصون الروم أيضا، وفيها غزا أسيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ فَكَسَرَ الأتراك كسرة فاضحة. وفيها زحف خاقان إلى أذربيجان وحاصر مدينة وارثان ورماها بالمناجيق، فسار إليه أمير تلك الناحية الحارث بن عمرو نائب مسلمة بن عبد الملك، فالتقى مع خاقان ملك الترك فهزمه وقتل من جيشه خلق كثير، وهرب الخاقان بعد أن كان قتل في جملة من قتل من جيشه، وقتل الحارث بن عمرو شهيدا، وذلك بعد أن قتلوا من الأتراك خلقا كثيرا. وفيها غزا معاوية بن هشام بن عبد الملك أرض الروم، وبعث البطال على جيش كثيف فافتتح جنجرة وغنم منها شيئا كثيرا] [1]
وفيها توفى من الأعيان
بكر بن عبد الله المزني البصري.
[كان عالما عابدا زاهدا متواضعا قليل الكلام، وله روايات كثيرة عن خلق من الصحابة والتابعين. قال بكر بن عبد الله: إذا رأيت من هو أكبر منك من المسلمين فقل: سبقته إلى المعاصي فهو خير منى، وإذا رأيت إخوانك يكرمونك ويعظمونك فقل: هذا من فضل ربى، وإذا رأيت منهم تقصيرا فقل: هذا بذنب أحدثته. وقال:
من مثلك يا ابن آدم؟ خلى بينك وبين الماء والمحراب متى شئت تطهرت ودخلت على ربك عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان ولا حاجب. وقال: لا يكون العبد تقيا حتى يكون تقى الطمع تقى الغضب.
وقال: إذا رأيتم الرجل موكلا بعيوب الناس ناسيا لعيبه فاعلموا أنه قد مكر به. وقال: كان الرجل من بنى إسرائيل إذا بلغ المبلغ الصالح من العمل فمشى في الناس تظلله غمامة، قال: فمر رجل قد أظلته غمامة على رجل فأعظمه لما رآه مما آتاه الله، فاحتقره صاحب الغمامة فأمرها الله أن تتحول
[1] زيادة من المصرية.
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير جلد : 9 صفحه : 256