responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 164
وقد ذكر الله اللوطية وجعل ذلك آيات للمتوسمين فقال تعالى: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ، فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ 15: 73- 75 وما بعدها. وقال تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ الله أَضْغانَهُمْ، وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ الْقَوْلِ وَالله يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ 47: 29- 31 ونحو ذلك من الآيات والأحاديث. فاللوطى قد عكس الفطرة، وقلب الأمر، فأتى ذكرا فقلب الله قلبه، وعكس عليه أمره، بعد صلاحه وفلاحه، إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى وخصال التائب قد ذكرها الله في آخر سورة براءة، فقال: التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ 9: 112 فلا بد للتائب من العبادة والاشتغال بالعمل للآخرة، وإلا فالنفس همامة متحركة، إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل، فلا بد للتائب من أن يبدل تلك الأوقات التي مرت له في المعاصي بأوقات الطاعات، وأن يتدارك ما فرط فيها وأن يبدل تلك الخطوات بخطوات إلى الخير، ويحفظ لحظاته وخطواته، ولفظاته وخطراته. قال رجل للجنيد: أوصني، قال: توبة تحل الإصرار، وخوف يزيل العزة، ورجاء مزعج إلى طرق الخيرات، ومراقبة الله في خواطر القلب. فهذه صفات التائب. ثم قال الله تعالى: الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ 9: 112 الآية فهذه خصال التائب كما قال تعالى: التَّائِبُونَ 9: 112 فكأن قائلا يقول: من هم؟ قيل هم العابدون السائحون إلى آخر الآية، وإلا فكل تائب لم يتلبس بعد توبته بما يقربه إلى من تاب إليه فهو في بعد وإدبار، لا في قرب وإقبال، كما يفعل من اغتر باللَّه من المعاصي المحظورات، ويدع الطاعات، فان ترك الطاعات وفعل المعاصي أشد وأعظم من ارتكاب المحرمات بالشهوة النفسية. فالتائب هو من اتقى المحذورات، وفعل المأمورات، وصبر على المقدورات، والله سبحانه وتعالى هو المعين الموفق، وهو عليم بذات الصدور] [1] قَالُوا: وَكَانَ الْوَلِيدُ لَحَّانًا كَمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ الْوَلِيدَ خَطَبَ يَوْمًا فَقَرَأَ في خطبته (يا ليتها كانت القاضية) فَضَمَّ التَّاءَ مِنْ لَيْتَهَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا لَيْتَهَا كَانَتْ عَلَيْكَ وَأَرَاحَنَا اللَّهُ مِنْكَ، وَكَانَ يَقُولُ: يَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَوْمًا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ: إِنَّكَ لَرَجُلٌ لَوْلَا أَنَّكَ تَلْحَنُ، فَقَالَ: وَهَذَا ابْنُكَ الْوَلِيدُ يَلْحَنُ، فَقَالَ: لَكِنَّ ابْنِي سُلَيْمَانَ لَا يَلْحَنُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَأَخِي أَبُو فُلَانٍ لا يلحن. وقال ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي عُمَرُ ثَنَا عَلِيٌّ- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيَّ- قَالَ: كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّامِ أَفْضَلَ خَلَائِفِهِمْ، بنى المساجد بدمشق، ووضع المنائر، وَأَعْطَى النَّاسَ، وَأَعْطَى الْمَجْذُومِينَ، وَقَالَ لَهُمْ: لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ، وَأَعْطَى كُلَّ مُقْعَدٍ خَادِمًا، وَكُلَّ ضَرِيرٍ قَائِدًا، وَفَتَحَ فِي وِلَايَتِهِ فُتُوحَاتٍ كَثِيرَةً عظاما، وكان يرسل بنيه في كل غزوة إلى بلاد الروم، ففتح الهند والسند

[1] زيادة من المصرية.
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست