responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 16
قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ أَنْ تَرَفَعَ إِزَارَكَ، قَالَ: نَعَمْ، وَنِعْمَتْ عَيْنٌ، فَرَفَعَ إِزَارَهُ، فَقَالَ صِلَةُ: هَذَا أَمْثَلُ مِمَّا أَرَدْتُمْ لَوْ شَتَمْتُمُوهُ لَشَتَمَكُمْ. وَمِنْهَا مَا حَكَاهُ جَعْفَرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي غَزَاةٍ وَفَى الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ الْعَتَمَةِ فَقُلْتُ لَأَرْمُقَنَّ عَمَلَهُ اللَّيْلَةَ، فَدَخَلَ غَيْضَةً وَدَخَلْتُ فِي أَثَرِهِ فَقَامَ يُصَلِّي وَجَاءَ الْأَسَدُ حَتَّى دَنَا مِنْهُ وَصَعِدْتُ أَنَا فِي شَجَرَةٍ، قَالَ فَتُرَاهُ التفت أوعده جِرْوًا حَتَّى سَجَدَ فَقُلْتُ:
الْآنَ يَفْتَرِسُهُ، فَجَلَسَ ثُمَّ سَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّهَا السَّبْعُ إِنْ كُنْتَ أُمِرْتَ بِشَيْءٍ فَافْعَلْ وَإِلَّا فَاطْلُبِ الرِّزْقَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، فَوَلَّى الْأَسَدُ وَإِنَّ لَهُ لَزَئِيرًا تَصَّدَّعُ مِنْهُ الْجِبَالُ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الصَّبَاحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ، أَوَ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْجَيْشِ فَأَصْبَحَ كَأَنَّهُ بات على الحشا، وَأَصْبَحْتُ وَبِي مِنَ الْفَتْرَةِ شَيْءٌ اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ.
قَالَ: وَذَهَبَتْ بِغْلَتُهُ بِثِقَلِهَا فَقَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ بَغْلَتِي بِثِقَلِهَا، فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَلَمَّا الْتَقَيْنَا الْعَدُوَّ حَمَلَ هُوَ وَهِشَامُ بْنُ عَامِرٍ فصنعنا بِهِمْ طَعْنًا وَضَرْبًا، فَقَالَ الْعَدُوُّ: رَجُلَانِ مِنَ الْعَرَبِ صَنَعَا بِنَا هَذَا فَكَيْفَ لَوْ قَاتَلُونَا كُلُّهُمْ؟ أَعْطُوا الْمُسْلِمِينَ حَاجَتَهُمْ- يَعْنِي انْزِلُوا عَلَى حُكْمِهِمْ- وَقَالَ صِلَةُ: جُعْتُ مَرَّةً فِي غَزَاةٍ جَوْعًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ أَدْعُو رَبِّي وَأَسْتَطْعِمُهُ، إِذْ سَمِعْتُ وَجْبَةً مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِمِنْدِيلٍ أَبْيَضَ فَإِذَا فِيهِ دَوْخَلَةٌ مَلْآنَةٌ رُطَبًا فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى شَبِعْتُ، وَأَدْرَكَنِي الْمَسَاءُ فَمِلْتُ إِلَى دَيْرِ رَاهِبٍ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ فَاسْتَطْعَمَنِي مِنَ الرُّطَبِ فَأَطْعَمْتُهُ، ثُمَّ إِنِّي مَرَرْتُ عَلَى ذَلِكَ الرَّاهِبِ بَعْدَ زَمَانٍ فَإِذَا نَخَلَاتٌ حِسَانٌ فَقَالَ: إِنَّهُنَّ لَمِنَ الرُّطَبَاتِ الَّتِي أَطْعَمْتَنِي، وَجَاءَ بِذَلِكَ الْمِنْدِيلِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَكَانَتْ تُرِيهُ لِلنَّاسِ، وَلَمَّا أُهْدِيَتْ مُعَاذَةُ إِلَى صِلَةَ أَدْخَلَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَمَّامَ ثُمَّ أَدْخَلَهُ بَيْتَ الْعَرُوسِ بَيْتًا مُطَيَّبًا فَقَامَ يُصَلِّي فَقَامَتْ تُصَلِّي مَعَهُ، فَلَمْ يَزَالَا يُصَلِّيَانِ حَتَّى بَرَقَ الصُّبْحُ، قَالَ:
فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْ عَمِّ أَهْدَيْتُ إِلَيْكَ ابْنَةَ عَمِّكَ اللَّيْلَةَ فَقُمْتَ تُصَلِّي وَتَرَكْتَهَا؟ قَالَ: إِنَّكَ أَدَخَلْتَنِي بَيْتًا أَوَّلَ النَّهَارِ أَذْكَرْتَنِي بِهِ النَّارَ، وَأَدْخَلْتَنِي بَيْتًا آخِرَ النَّهَارِ أَذْكَرْتَنِي بِهِ الْجَنَّةَ، فَلَمْ تَزَلْ فِكْرَتِي فِيهِمَا حَتَّى أَصْبَحْتُ، الْبَيْتُ الَّذِي أَذْكَرَهُ بِهِ النَّارَ هُوَ الْحَمَّامُ، وَالْبَيْتُ الَّذِي أَذْكَرَهُ بِهِ الْجَنَّةَ هُوَ بَيْتُ العروس.
وقال له رجل: أدعو اللَّهَ لِي: فَقَالَ رَغَّبَكَ اللَّهُ فِيمَا يَبْقَى، وَزَهَّدَكَ فِيمَا يَفْنَى، وَرَزَقَكَ الْيَقِينَ الَّذِي لَا يركن إلا إليه، ولا يعول فِي الدِّينِ إِلَّا عَلَيْهِ. وَكَانَ صِلَةُ فِي غَزَاةٍ وَمَعَهُ ابْنُهُ فَقَالَ لَهُ: أَيْ بُنَيَّ تَقَدَّمْ فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ، فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ صِلَةُ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ فَقَالَتْ: إِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِتُهَنِّئْنَنِي فَمَرْحَبًا بِكُنَّ، وَإِنْ كنتن جئتن لتعزيننى فَارْجِعْنَ، تُوُفِّيَ صِلَةُ فِي غَزَاةٍ هُوَ وَابْنُهُ نَحْوَ بِلَادِ فَارِسَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ
شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا، لَهُ صُحْبَةٌ، قَتَلَتْهُ الرُّومُ بِبَرْقَةَ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّرِيخَ أَتَى

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 9  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست