responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 92
والبهتان، غار الله لها فأنزل بَرَاءَتَهَا فِي عَشْرِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ تُتْلَى على تعاقب الزمان. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِيمَا سَلَفَ، وَشَرَحْنَا الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَبَسَطْنَا ذَلِكَ أَيْضًا فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَقْنَعٌ، وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ قَذَفَهَا بَعْدَ بَرَاءَتِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَقِيَّةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ يَكْفُرُ مَنْ قَذَفَهُنَّ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَكْفُرُ، لِأَنَّ الْمَقْذُوفَةَ زَوْجَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا غَضِبَ لَهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهِيَ وَغَيْرُهَا مِنْهُنَّ سَوَاءٌ. وَمِنْ خَصَائِصِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَ لَهَا فِي الْقَسْمِ يَوْمَانِ يَوْمُهَا وَيَوْمُ سَوْدَةَ حِينَ وَهَبَتْهَا ذَلِكَ تَقَرُّبًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ مَاتَ فِي يَوْمِهَا وَفِي بَيْتِهَا وَبَيْنَ سَحْرِهَا وَنَحْرِهَا، وَجَمْعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِهِ وَرِيقِهَا فِي آخر ساعة من ساعاته في الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ سَاعَةٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مصعب بن إسحاق ابن طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ لَيُهَوِّنُ عَلَيَّ أَنِّي رَأَيْتُ بَيَاضَ كَفِّ عَائِشَةَ فِي الْجَنَّةِ» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَهَذَا فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَحَبَّةِ الْعَظِيمَةِ أَنَّهُ يَرْتَاحُ لِأَنَّهُ رَأَى بَيَاضَ كَفِّهَا أَمَامَهُ فِي الْجَنَّةِ. وَمِنْ خَصَائِصِهَا أَنَّهَا أَعْلَمُ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ هِيَ أَعْلَمُ النِّسَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ:
لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى علم جميع أزواجه، وَعِلْمِ جَمِيعِ النِّسَاءِ لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: كَانَتْ عَائِشَةُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَعْلَمَ النَّاسِ، وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْيًا فِي الْعَامَّةِ. وَقَالَ عُرْوَةُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِفِقْهٍ وَلَا طِبٍّ وَلَا شِعْرٍ مِنْ عَائِشَةَ، وَلَمْ تَرْوِ امْرَأَةٌ وَلَا رَجُلٌ غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِقَدْرِ رِوَايَتِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: «مَا أشكل علينا أصحاب محمد حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ إِلَّا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ أَبُو الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ: رَأَيْتُ مَشْيَخَةَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ الْأَكَابِرَ يَسْأَلُونَهَا عَنِ الْفَرَائِضِ. فَأَمَّا مَا يَلْهَجُ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَعُلَمَاءِ الْأُصُولِ مِنْ إِيرَادِ حديث: «خذوا شطر دينكم عن هذه الْحُمَيْرَاءِ» فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ وَلَا هُوَ مُثْبَتٌ فِي شَيْءٍ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ، وَسَأَلَتُ عَنْهُ شَيْخَنَا أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ فَقَالَ:
لَا أَصْلَ لَهُ. ثُمَّ لَمْ يَكُنْ فِي النِّسَاءِ أَعْلَمُ مِنْ تِلْمِيذَاتِهَا عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، وَعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ. وَقَدْ تفردت أم المؤمنين عائشة بمسائل عن الصَّحَابَةِ لَمْ تُوجَدْ إِلَّا عِنْدَهَا، وَانْفَرَدَتْ بِاخْتِيَارَاتٍ أيضا وردت أخبار بِخِلَافِهَا بِنَوْعٍ مِنَ التَّأْوِيلِ. وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ غير واحد من الأئمة، فمن ذلك قال الشَّعْبِيُّ: كَانَ مَسْرُوقٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة رسول اللَّهِ الْمُبَرَّأَةُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ. وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، قُلْتُ: وَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا» وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «كمل

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست