responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 62
فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مَطْعُونًا، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَقُولُ لَهُ: إِنِّي قَدْ ضَبَطْتُ لَكَ الْعِرَاقَ بِشِمَالِي ويميني فارغة، فارع لي ذلك، وَهُوَ يُعَرِّضُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَهُ عَلَى بِلَادِ الحجاز أيضا، فلما بلغ أهل الحجاز جاءوا إلى عبد الله بن عمر فَشَكَوْا إِلَيْهِ ذَلِكَ، وَخَافُوا أَنْ يَلِيَ عَلَيْهِمْ زِيَادٌ، فَيَعْسِفَهُمْ كَمَا عَسَفَ أَهْلَ الْعِرَاقِ، فَقَامَ ابْنُ عُمَرَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا عَلَى زِيَادٍ وَالنَّاسُ يُؤَمِّنُونَ، فَطُعِنَ زِيَادٌ بِالْعِرَاقِ فِي يَدِهِ فَضَاقَ ذَرْعًا بِذَلِكَ، وَاسْتَشَارَ شُرَيْحًا الْقَاضِيَ فِي قَطْعِ يَدِهِ، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: إِنِّي لَا أرى ذلك، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَجَلِّ فُسْحَةٌ لقيت الله أجذم قد قطعت يدك خوفا مِنْ لِقَائِهِ، وَإِنْ كَانَ لَكَ أَجْلٌ بَقِيتَ فِي النَّاسِ أَجْذَمَ فَيُعَيَّرُ وَلَدُكَ بِذَلِكَ. فَصَرَفَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا خَرَجَ شُرَيْحٌ مِنْ عِنْدِهِ عَاتَبَهُ بَعْضُ النَّاسِ: وَقَالُوا: هَلَّا تَرَكَتْهُ فَقَطَعَ يَدَهُ؟! فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» . وَيُقَالُ إِنَّ زِيَادًا جَعَلَ يَقُولُ: أَأَنَامَ أَنَا وَالطَّاعُونُ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ؟ فَعَزَمَ عَلَى قَطْعِ يَدِهِ، فَلَمَّا جِيءَ بِالْمَكَاوِي وَالْحَدِيدِ خَافَ مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَذُكِرَ أَنَّهُ جَمَعَ مِائَةً وَخَمْسِينَ طَبِيبًا لِيُدَاوُوهُ مِمَّا يَجِدُ مِنَ الْحَرِّ فِي بَاطِنِهِ، مِنْهُمْ ثلاثة مِمَّنْ كَانَ يَطِبُّ كِسْرَى بْنَ هُرْمُزَ، فَعَجَزُوا عَنْ رَدِّ الْقَدَرِ الْمَحْتُومِ وَالْأَمْرِ الْمَحْمُومِ، فَمَاتَ فِي ثَالِثِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ قَامَ فِي إِمْرَةِ الْعِرَاقِ خَمْسَ سِنِينَ. ودفن بالثوبة خَارِجَ الْكُوفَةِ، وَقَدْ كَانَ بَرَزَ مِنْهَا قَاصِدًا إلى الْحِجَازَ أَمِيرًا عَلَيْهَا، فَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُ مَوْتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ:
اذْهَبْ إِلَيْكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ، فَلَا الدُّنْيَا بَقِيَتْ لَكَ، ولا الآخرة أدركت. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا:
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ ثعلبة أبو المقدم الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ أَبِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ. قَالَ: جَمَعَ زِيَادٌ أَهْلَ الْكُوفَةِ فَمَلَأَ مِنْهُمُ الْمَسْجِدَ وَالرَّحْبَةَ والقصر ليعرض عليهم الْبَرَاءَةِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَإِنِّي لَمَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِي مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالنَّاسُ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ مِنْ ذَلِكَ وَفِي حَصْرٍ، قَالَ: فَهَوَّمْتُ تَهْوِيمَةً- أَيْ نَعَسْتُ نَعْسَةً- فَرَأَيْتُ شَيْئًا أَقْبَلَ طَوِيلَ الْعُنُقِ، لَهُ عُنُقٌ مِثْلَ عُنُقِ الْبَعِيرِ، أَهْدَبَ أَهْدَلَ فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا النَّقَّادُ ذُو الرَّقَبَةِ، بُعِثْتُ إِلَى صَاحِبِ هَذَا الْقَصْرِ، فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعًا فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: هَلْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ؟
قَالُوا: لَا! فَأَخْبَرْتُهُمْ، وَخَرَجَ عَلَيْنَا خَارِجٌ مِنَ الْقَصْرِ فَقَالَ: إِنَّ الْأَمِيرَ يَقُولُ لَكُمْ: انْصَرِفُوا عَنِّي:
فَإِنِّي عَنْكُمْ مَشْغُولٌ. وَإِذَا الطَّاعُونُ قَدْ أَصَابَهُ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّ زِيَادًا لما ولى الكوفة سأل عن أعبدها فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْمُغِيرَةِ الْحِمْيَرِيُّ، فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ لَهُ: الْزَمْ بَيْتَكَ وَلَا تَخْرُجْ مِنْهُ وَأَنَا أُعْطِيكَ مِنَ الْمَالِ مَا شِئْتَ، فَقَالَ: لَوْ أَعْطَيْتَنِي مُلْكَ الْأَرْضِ مَا تَرَكْتُ خُرُوجِي لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
فَقَالَ الْزَمِ الْجَمَاعَةَ وَلَا تَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ تَرْكَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَأَمَرَ به فضربت عنقه. وَلَمَّا احْتَضَرَ قَالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبَةِ قَدْ هَيَّأْتُ لَكَ سِتِّينَ ثَوْبًا أُكَفِّنُكَ فِيهَا، فَقَالَ يَا بُنَيَّ قَدْ دَنَا مِنْ أَبِيكَ أَمْرٌ إِمَّا لِبَاسٌ خَيْرٌ مِنْ لِبَاسِهِ وَإِمَّا سلب سريع. وهذا غريب جدا

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست