responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 21
بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ يَوْمَ الْفَتْحِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قال: أسلمت يوم عمرة القضاء ولكنى كتمت إسلامي من أبى إِلَى يَوْمِ الْفَتْحِ، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَآلَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ، قُرَيْشٍ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ، فَكَانَ هُوَ أَمِيرَ الْحُرُوبِ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ، وَكَانَ رَئِيسًا مُطَاعًا ذَا مَالٍ جَزِيلٍ، وَلَمَّا أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: «نَعَمْ، قَالَ وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ، قَالَ: نَعَمْ» ثُمَّ سَأَلَ أَنْ يُزَوِّجَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم بابنته، وَهِيَ عَزَّةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ وَاسْتَعَانَ عَلَى ذَلِكَ بِأُخْتِهَا أُمِّ حَبِيبَةَ، فَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ، وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ. وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَأَفْرَدْنَا لَهُ مُصَنَّفًا عَلَى حِدَةٍ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَالْمَقْصُودُ أَنْ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ كُتَّابِ الْوَحْيِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَلَمَّا فُتِحَتِ الشَّامُ وَلَّاهُ عُمَرُ نِيَابَةَ دِمَشْقَ بَعْدَ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذلك عثمان ابن عَفَّانَ وَزَادَهُ بِلَادًا أُخْرَى، وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْقُبَّةَ الْخَضْرَاءَ بِدِمَشْقَ وَسَكَنَهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَهُ الحافظ ابن عَسَاكِرَ. وَلَمَّا وَلِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْخِلَافَةَ أَشَارَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ أُمَرَائِهِ مِمَّنْ بَاشَرَ قَتْلَ عُثْمَانَ أَنْ يَعْزِلَ مُعَاوِيَةَ عَنِ الشَّامِ وَيُوَلِّيَ عَلَيْهَا سَهْلَ بْنَ حَنِيفٍ فَعَزَلَهُ فلم ينتظم عزله والتف عليه جَمَاعَةٌ مِنَ أَهْلِ الشَّامِ وَمَانَعَ عَلِيًّا عَنْهَا وَقَدْ قَالَ: لَا أُبَايِعُهُ حَتَّى يُسَلِّمَنِي قَتَلَةَ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ قُتِلَ مَظْلُومًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً 17: 33. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
ما زلت موقنا أن معاوية يلي الملك من هذه الآية. أَوْرَدْنَا سَنَدَهُ وَمَتْنَهُ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ. فَلَمَّا امْتَنَعَ مُعَاوِيَةُ مِنَ الْبَيْعَةِ لِعَلِيٍّ حَتَّى يسلمه القتلة، كان من صِفِّينِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، ثُمَّ آلَ الْأَمْرُ إِلَى التَّحْكِيمِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي مُوسَى مَا أَسْلَفْنَاهُ مِنْ قُوَّةِ جانب أهل الشام في الصعدة الظاهرة، واستفحل أمر معاوية، وَلَمْ يَزَلْ أَمْرُ عَلَيٍّ فِي اخْتِلَافٍ مَعَ أَصْحَابِهِ حَتَّى قَتَلَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ كَمَا تَقَدَّمَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ بَايَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْحَسَنَ بْنَ على، وبايع أهل الشام لمعاوية بْنَ أَبِي سُفْيَانَ. ثُمَّ رَكِبَ الْحَسَنُ فِي جُنُودِ الْعِرَاقِ عَنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ مِنْهُ، وَرَكِبَ مُعَاوِيَةُ فِي أَهْلِ الشَّامِ. فَلَمَّا تَوَاجَهَ الْجَيْشَانِ وَتَقَابَلَ الْفَرِيقَانِ سَعَى النَّاسُ بَيْنَهُمَا فِي الصُّلْحِ فَانْتَهَى الْحَالُ إِلَى أَنْ خَلَعَ الْحَسَنُ نَفْسَهُ مِنَ الْخِلَافَةِ وَسَلَّمَ الْمُلْكَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ- أَعْنِي سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ- وَدَخْلَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْكُوفَةِ فَخَطْبَ النَّاسَ بِهَا خطبة بليغة بعد ما بايعه الناس- واستوثقت لَهُ الْمَمَالِكُ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَبُعْدًا وَقُرْبًا، وَسُمِّيَ هَذَا الْعَامُ عَامَ الْجَمَاعَةِ لِاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ فِيهِ عَلَى أَمِيرٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، فَوَلِيَ مُعَاوِيَةُ قَضَاءَ الشَّامِ لِفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، ثُمَّ بَعْدَهُ لِأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ. وَكَانَ عَلَى شُرْطَتِهِ قَيْسُ بن حمزة، وكان كاتبه وصاحب أمره سرحون بْنُ مَنْصُورِ الرُّومِيُّ، وَيُقَالُ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَ الْحَرَسَ وَأَوَّلُ مِنْ حَزَمَ الْكُتُبَ وَخَتَمَهَا، أو كان أَوَّلَ الْأَحْدَاثِ فِي دَوْلَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست