responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 102
فألقاها إلى معاوية فقال له معاوية: لو ذَهَبْتَ إِلَى مَنْزِلِكَ ثُمَّ أَرْسَلْتَ بِهَا إِلَيْنَا، فَأَنْشَأَ قَيْسٌ يَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ: -
أَرَدْتُ بِهَا كَيْ يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهَا ... سَرَاوِيلُ قَيْسٍ وَالْوُفُودُ شُهُودُ
وَأَنْ لَا يَقُولُوا غَابَ قَيْسٌ وَهَذِهِ ... سراويل غادى سمّد وثمود
وَإِنِّي مِنَ الْحَيِّ الْيَمَانِي لَسَيِّدٌ ... وَمَا النَّاسُ إِلَّا سَيِّدٌ وَمَسُودُ
فَكِدْهُمْ بِمِثْلِي إِنَّ مِثْلِي عليهم ... شديد وخلقي في الرجال مديد
وفضلني في الناس أصل ووالد ... وَبَاعٌ بِهِ أَعْلُو الرِّجَالَ مَدِيدُ
قَالَ: فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ أَطْوَلَ رَجُلٍ فِي الْوَفْدِ فَوَضَعَهَا عَلَى أَنْفِهِ فَوَقَعَتْ بِالْأَرْضِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ بَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِرَجُلَيْنِ مِنْ جَيْشِهِ يَزْعُمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَقْوَى الرُّومِ، وَالْآخَرَ أَطْوَلُ الروم فانظر هل في قومك مَنْ يَفُوقُهُمَا فِي قُوَّةِ هَذَا وَطُولِ هَذَا؟ فان كان في قومك من يفوقهما بَعَثْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْأَسَارَى كَذَا وَكَذَا، وَمَنَ التُّحَفِ كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جيشك من هو أقوى وأطول منهما فَهَادِنِي ثَلَاثَ سِنِينَ. فَلَمَّا حَضَرَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ قَالَ: مَنْ لِهَذَا الْقَوِيِّ؟ فَقَالُوا: مَا لَهُ إلا أحد رجلين، إما محمد بن الْحَنَفِيَّةِ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَجِيءَ بِمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَتَعْلَمُ فِيمَ أُرْسَلْتُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَا! فَذَكَرَ لَهُ أَمْرَ الرُّومِيِّ وَشِدَّةَ بأسه، فقال للرومى: إما أن تجلس لي أو أجلس إليك وَتُنَاوِلُنِي يَدَكَ أَوْ أُنَاوِلُكَ يَدِي، فَأَيُّنَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يُقِيمَ الْآخَرَ مِنْ مَكَانِهِ غَلَبَهُ، وَإِلَّا فَقَدْ غُلِبَ. فَقَالَ لَهُ: مَاذَا تُرِيدُ؟ تَجْلِسُ أَوْ أَجْلِسُ؟
فَقَالَ لَهُ الرُّومِيُّ: بَلِ أجلس أنت، فجلس محمد بن الْحَنَفِيَّةِ وَأَعْطَى الرُّومِيَّ يَدَهُ فَاجْتَهَدَ الرُّومِيُّ بِكُلِّ مَا يَقَدْرُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُوَّةِ أَنْ يُزِيلَهُ مِنْ مَكَانَهِ أَوْ يُحَرِّكَهُ لِيُقِيمَهُ فَلَمْ يَقَدِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، فَغَلَبَ الرُّومِيَّ: عِنْدَ ذَلِكَ، وَظَهَرَ لِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْوُفُودِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ أَنَّهُ قَدْ غَلَبَ، ثم قام محمد بن الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ لِلرُّومِيِّ اجْلِسْ لِي، فَجَلَسَ وَأَعْطَى محمدا يده فما أمهله أَنْ أَقَامَهُ سَرِيعًا، وَرَفَعَهُ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ أَلْقَاهُ عَلَى الْأَرْضِ فَسُرَّ بِذَلِكَ مُعَاوِيَةُ سُرُورًا عَظِيمًا، وَنَهَضَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ فَتَنَحَّى عَنِ النَّاسِ ثُمَّ خَلَعَ سَرَاوِيلَهُ وَأَعْطَاهَا لِذَلِكَ الرُّومِيِّ الطويل فلبسها فبلغت إلى تدييه وأطرافها تخط بالأرض، فاعترف الرومي بِالْغَلَبِ، وَبَعَثَ مَلِكُهُمْ مَا كَانَ الْتَزَمَهُ لِمُعَاوِيَةَ، وَعَاتَبَ الْأَنْصَارُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ فِي خَلْعِهِ سَرَاوِيلَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَقَالَ: ذَلِكَ الشِّعْرُ الْمُتَقَدِّمَ مُعْتَذِرًا بِهِ إِلَيْهِمْ، وَلِيَكُونَ ذَلِكَ أَلْزَمَ لِلْحُجَّةِ الَّتِي تَقُومُ عَلَى الرُّومِ، وَأَقْطَعَ لِمَا حَاوَلُوهُ. وَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ رَجُلًا ضَخْمًا جَسِيمًا صَغِيرَ الرَّأْسِ لَهُ لِحْيَةٌ فِي ذَقَنِهِ، وَكَانَ إِذَا رَكِبَ الْحِمَارَ العالي خطت رجلاه بالأرض، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَفَاتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَتَبِعْنَاهُ في ذلك.

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست