responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 44
وَيُسَمَّى يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، وَكَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ كَمَا قَالَهُ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ، هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَرَفَعَتْ خِيَامَ الْفُرْسِ عَنْ أَمَاكِنِهَا وَأَلْقَتْ سَرِيرَ رُسْتُمَ الَّذِي هُوَ مَنْصُوبٌ لَهُ، فَبَادَرَ فَرَكِبَ بِغَلَّتِهِ وهرب فأدركه المسلمون فقتلوه وقتلوا الجالينوس مقدم الطلائع القادسية، وَانْهَزَمَتِ الْفُرْسُ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، وَلَحِقَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي أَقْفَائِهِمْ فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ الْمُسَلْسَلُونَ بِكَمَالِهِمْ وَكَانُوا ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ عَشَرَةَ آلَافٍ، وَقَتَلُوا قَبْلَ ذَلِكَ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ. وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَمَا قَبْلَهِ مِنَ الْأَيَّامِ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ رحمهم الله. وساق المسلمون خلف الْمُنْهَزِمِينَ حَتَّى دَخَلُوا وَرَاءَهُمْ مَدِينَةَ الْمَلِكِ وَهِيَ الْمَدَائِنُ الَّتِي فِيهَا الْإِيوَانُ الْكِسْرَوِيُّ، وَقَدْ أَذِنَ لِمَنْ ذَكَرَنَا عَلَيْهِ، فَكَانَ مِنْهُمْ إِلَيْهِ مَا قَدَّمْنَا. وَقَدْ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ وَقْعَةِ الْقَادِسِيَّةِ هَذِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالسِّلَاحِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوَصَفُ كَثْرَةً، فَحُصِّلَتِ الْغَنَائِمُ بَعْدَ صَرْفِ الْأَسْلَابِ وَخُمِّسَتْ وَبُعِثَ بِالْخُمُسِ وَالْبِشَارَةِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَخْبِرُ عَنْ أَمْرِ الْقَادِسِيَّةِ كُلَّ مَنْ لَقِيَهُ مِنَ الرُّكْبَانِ، وَيَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى نَاحِيَةِ الْعِرَاقِ يَسْتَنْشِقُ الْخَبَرَ، فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ إِذَا هُوَ بِرَاكِبٍ يَلُوحُ مِنْ بُعْدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ فَاسْتَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ: فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْقَادِسِيَّةِ وَغَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً وَجَعَلَ يحدثه وهو لا يعرف عمرو عمر مَاشٍ تَحْتَ رَاحِلَتِهِ، فَلَمَّا اقْتَرَبَا مِنَ الْمَدِينَةِ جَعَلَ النَّاسُ يُحَيُّونَ عُمَرَ بِالْإِمَارَةِ فَعَرَفَ الرَّجُلُ عُمَرَ فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَّا أَعْلَمْتَنِي أَنَّكَ الْخَلِيفَةُ؟ فَقَالَ لَا حَرَجَ عَلَيْكَ يَا أَخِي.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ وَعِرْقُ النَّسَا، فَمَنَعَهُ مِنْ شُهُودِ الْقِتَالِ لَكِنَّهُ جَالِسٌ فِي رَأْسِ الْقَصْرِ يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِ الْجَيْشِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ لَا يُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَ الْقَصْرِ لِشَجَاعَتِهِ، وَلَوْ فَرَّ النَّاسُ لَأَخَذَتْهُ الْفُرْسُ قَبْضًا بِالْيَدِ، لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُمْ، وَعِنْدَهُ امْرَأَتُهُ سَلْمَى بِنْتُ حَفْصٍ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ، فَلَمَّا فَرَّ بَعْضُ الْخَيْلِ يومئذ فزعت وقالت: وا مثنياه وَلَا مُثَنَّى لِيَ الْيَوْمَ. فَغَضِبَ سَعْدٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَطَمَ وَجْهَهَا، فَقَالَتْ- أَغَيْرَةً وَجُبْنًا يَعْنِي أَنَّهَا تُعَيِّرُهُ بِجُلُوسِهِ فِي الْقَصْرِ يَوْمَ الْحَرْبِ- وَهَذَا عِنَادٌ مِنْهَا فَإِنَّهَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِعُذْرِهِ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمَرَضِ الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ عِنْدَهُ فِي الْقَصْرِ رَجُلٌ مَسْجُونٌ عَلَى الشَّرَابِ كَانَ قَدْ حُدَّ فِيهِ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةً، يُقَالُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ سَعْدٌ فقيد وأودع في الْقَصْرَ فَلَمَّا رَأَى الْخُيُولَ تَجُوُلُ حَوْلَ حِمَى الْقَصْرِ وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ الْأَبْطَالِ قَالَ:
كَفَى حزنا أن تدحم الخيل بالفتى ... وأترك مشدودا عليّ وثاقيا
إذا قمت غنائى الحديد وغلقت ... مَصَارِيعُ مِنْ دُونِي تَصُمُّ الْمُنَادِيَا
وَقَدْ كُنْتُ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَإِخْوَةٍ ... وَقَدْ تَرَكُونِي مُفْرَدًا لَا أَخَا لِيَا
ثُمَّ سَأَلَ مِنْ زَبْرَاءَ أُمِّ وَلَدِ سَعْدٍ أَنْ تُطْلِقَهُ وَتُعِيرَهُ فَرَسَ سَعْدٍ، وَحَلَفَ لَهَا أَنَّهُ يَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ فيضع

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست