responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 42
لَكُمْ قُوتًا إِلَى خِصْبِكُمْ وَأَكْرَمْنَا وُجُوهَكُمْ وَكَسَوْنَاكُمْ وَمَلَّكْنَا عَلَيْكُمْ مَلِكًا يَرْفُقُ بِكُمْ. فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ فقام المغيرة بن شعبة فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ هَؤُلَاءِ رُءُوسُ الْعَرَبِ وَوُجُوهُهُمْ، وَهُمْ أَشْرَافٌ يَسْتَحْيُونَ مِنَ الْأَشْرَافِ، وَإِنَّمَا يُكْرِمُ الْأَشْرَافَ الْأَشْرَافُ، وَيُعَظِّمُ حُقُوقَ الْأَشْرَافِ الْأَشْرَافُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا أُرْسِلُوا لَهُ جَمَعُوهُ لَكَ، ولا كل ما تكلمت به أجابوك عليه، وَقَدْ أَحْسَنُوا وَلَا يَحْسُنُ بِمِثِلِهِمْ إِلَّا ذَلِكَ، فَجَاوِبْنِي فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي أُبَلِّغُكَ وَيَشْهَدُونَ عَلَى ذَلِكَ. إِنَّكَ قَدْ وَصَفْتَنَا صِفَةً لَمْ تَكُنْ بِهَا عَالِمًا، فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ سُوءِ الْحَالِ فَمَا كَانَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَّا، وَأَمَّا جُوعُنَا فَلَمْ يَكُنْ يُشْبِهُ الْجُوعَ، كُنَّا نَأْكُلُ الْخَنَافِسَ وَالْجِعْلَانَ وَالْعَقَارِبَ وَالْحَيَّاتِ، وَنَرَى ذَلِكَ طَعَامَنَا، وَأَمَّا الْمَنَازِلُ فَإِنَّمَا هِيَ ظَهْرُ الْأَرْضِ، وَلَا نَلْبَسُ إِلَّا مَا غَزَلْنَا مِنْ أَوْبَارِ الْإِبِلِ وَأَشْعَارِ الْغَنَمِ. دِينُنَا أَنْ يَقْتُلَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وإن يبغى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَدْفِنُ ابْنَتَهُ وَهَى حَيَّةٌ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ طعامه، وكانت حَالُنَا قَبْلَ الْيَوْمِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ [وفي المعاد عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ] فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَجُلًا مَعْرُوفًا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَنَعْرِفُ وَجْهَهُ وَمَوْلِدَهُ، فَأَرْضُهُ خَيْرُ أَرْضِنَا، وَحَسَبُهُ خَيْرُ أَحْسَابِنَا، وَبَيْتُهُ خَيْرُ بُيُوتِنَا، وَقَبِيلَتُهُ خَيْرُ قَبَائِلِنَا، وَهُوَ نَفْسُهُ كَانَ خَيْرُنَا فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ فِيهَا أصدقنا وأحملنا، فَدَعَانَا إِلَى أَمْرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ. أَوَّلَ ترب كان له الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ، فَقَالَ وَقُلْنَا، وَصَدَقَ وَكَذَبْنَا، وَزَادَ وَنَقَصْنَا، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا إِلَّا كَانَ، فَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِنَا التَّصْدِيقَ لَهُ وَاتِّبَاعَهُ، فَصَارَ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَبِّ الْعَالَمِينَ. فَمَا قَالَ لَنَا فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ، وَمَا أَمَرَنَا فَهُوَ أَمْرُ اللَّهِ، فَقَالَ لَنَا إِنَّ رَبَّكُمْ يَقُولُ: أَنَا اللَّهُ وَحْدِي لَا شَرِيكَ لِي كُنْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ وَكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهِي، وَأَنَا خَلَقْتُ كُلَّ شَيْءٍ وَإِلَيَّ يَصِيرُ كُلُّ شَيْءٍ، وَإِنَّ رَحْمَتِي أَدْرَكَتْكُمْ فَبَعَثْتُ إِلَيْكُمْ هَذَا الرَّجُلَ لِأَدُلَّكُمْ عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي أُنْجِيكُمْ بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ عَذَابِي، وَلِأُحِلَّكُمْ دَارِي دَارَ السَّلَامِ. فَنَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ، وَقَالَ مَنْ تَابَعَكُمْ عَلَى هَذَا فَلَهُ مَا لَكَمَ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْكُمْ، وَمَنْ أَبَى فَاعْرِضُوا عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ ثُمَّ امْنَعُوهُ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ، وَمَنْ أَبَى فَقَاتِلُوهُ فَأَنَا الْحَكَمُ بَيْنَكُمْ، فَمَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ أَدْخَلْتُهُ جَنَّتِي، وَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَعْقَبْتُهُ النَّصْرَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ. فَاخْتَرْ إِنْ شِئْتَ الْجِزْيَةَ وَأَنْتَ صَاغِرٌ، وَإِنْ شِئْتَ فَالسَّيْفَ، أَوْ تُسْلِمُ فَتُنَجِّيَ نَفْسَكَ. فَقَالَ يَزْدَجِرْدُ: اسْتَقْبَلْتَنِي بِمِثْلِ هَذَا؟ فَقَالَ مَا اسْتَقْبَلْتُ إِلَّا مَنْ كَلَّمَنِي، وَلَوْ كَلَّمَنِي غَيْرُكَ لَمْ أَسْتَقْبِلْكَ بِهِ. فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَقَتَلْتُكُمْ، لَا شَيْءَ لَكُمْ عِنْدِي. وَقَالَ ائْتُونِي بِوَقْرٍ مِنْ تُرَابٍ فَاحْمِلُوهُ عَلَى أَشْرَفِ هَؤُلَاءِ ثُمَّ سُوقُوهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ أَبْيَاتِ الْمَدَائِنِ. ارْجِعُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَأَعْلِمُوهُ أَنِّي مُرْسِلٌ إِلَيْهِ رُسْتُمَ حَتَّى يَدْفِنَهُ وَجُنْدَهُ فِي خَنْدَقِ الْقَادِسِيَّةِ وَيُنَكِّلَ بِهِ وَبِكُمْ مِنْ بَعْدُ، ثُمَّ أُورِدُهُ بِلَادَكُمْ حَتَّى أَشْغَلَكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ بِأَشَدَّ مِمَّا نَالَكُمْ مِنْ سَابُورَ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَشْرَفُكُمْ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ فقال عاصم بن عمرو واقتات لِيَأْخُذَ التُّرَابَ أَنَا أَشْرَفُهُمْ، أَنَا سَيِّدُ هَؤُلَاءِ فحملنيه، فقال: أكذلك؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَحَمَلَهُ عَلَى عُنُقِهِ فَخَرَجَ بِهِ من الإيوان والدار حتى يأتى راحلته

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست