responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 313
تَأَسَّفَ عَلَى شَجَاعَتِهِ وَغَنَائِهِ، وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِاسْتِقْرَارِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ بِدِيَارِ مِصْرَ، غير أنه ضَعُفَ جَأْشُهُ مَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْخِلَافِ عَلَيْهِ مِنَ الْعُثْمَانِيَّةِ الَّذِينَ بِبَلَدِ خِرِبْتَا وَقَدْ كَانُوا اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُمْ حِينَ انْصَرَفَ عَلِيٌّ من صفين، وحين كان مِنْ أَمْرِ التَّحْكِيمِ مَا كَانَ، وَحِينَ نَكَلَ أهل العراق عن قتال أهل الشام، وقد كان أهل الشام حين انْقَضَتِ الْحُكُومَةُ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ سَلَّمُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ بِالْخِلَافَةِ وَقَوِيَ أَمْرُهُمْ جِدًّا، فَعِنْدَ ذَلِكَ جَمَعَ مُعَاوِيَةُ أُمَرَاءَهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنَ السمط وعبد الرحمن ابن خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، وَبُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَاةَ، وَأَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ، وَحَمْزَةَ بْنَ سِنَانٍ الْهَمْدَانِيَّ وَغَيْرَهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ فِي الْمَسِيرِ إلى ديار مِصْرَ فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَقَالُوا: سِرْ حَيْثُ شِئْتَ فَنَحْنُ مَعَكَ، وَعَيَّنَ مُعَاوِيَةُ نِيَابَتَهَا لِعَمْرِو بْنِ العاص إذا فتحها ففرح بذلك عمرو بن العاص، ثم قال عمرو لمعاوية: أرى أن تبعث إليهم رجالا مع رجل مَأْمُونٌ عَارِفٌ بِالْحَرْبِ، فَإِنَّ بِهَا جَمَاعَةً مِمَّنْ يُوَالِي عُثْمَانَ فَيُسَاعِدُونَهُ عَلَى حَرْبِ مَنْ خَالَفَهُمْ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَكِنْ أَرَى أَنْ أَبْعَثَ إِلَى شيعتنا ممن هنالك كتابا يعلمهم بقدومهم عَلَيْهِمْ، وَنَبْعَثُ إِلَى مُخَالِفِينَا كِتَابًا نَدْعُوهُمْ فِيهِ إلى الصلح. وقال معاوية: إِنَّكَ يَا عَمْرُو رَجُلٌ بُورِكَ لَكَ فِي الْعَجَلَةِ وَإِنِّي امْرُؤٌ بُورِكَ لِي فِي التُّؤَدَةِ، فقال عمرو: افعل ما أراك الله، فو الله ما أَمْرَكَ وَأَمْرَهُمْ إِلَّا سَيَصِيرُ إِلَى الْحَرْبِ الْعَوَانِ، فَكَتَبَ عِنْدَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَسْلَمَةَ بْنِ مخلد الأنصاري، وإلى معاوية بن خديج السكونيّ- وهما رئيسا العثمانية ببلاد مصر مِمَّنْ لَمْ يُبَايِعُ عَلِيًّا وَلَمْ يَأْتَمِرْ بِأَمْرِ نُوَّابِهِ بِمِصْرَ فِي نَحْوٍ مَنْ عَشَرَةَ آلَافٍ- يخبرهم بقدوم الجيش عليهم سَرِيعًا، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ سُبَيْعٌ، فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى مَسْلَمَةَ ومعاوية بن خديج فَرِحَا بِهِ وَرَدَّا جَوَابَهُ بِالِاسْتِبْشَارِ وَالْمُعَاوَنَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ له ولمن يبعثه من الجيوش والجند والمدد إن شاء الله تعالى، فَعِنْدَ ذَلِكَ جَهَّزَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ في ستة آلاف، وخرج معاوية مُوَدِّعًا وَأَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالرِّفْقِ وَالْمَهْلِ وَالتُّؤَدَةِ، وَأَنْ يَقْتُلَ مَنْ قَاتَلَ وَيَعْفُوَ عَمَّنْ أَدْبَرَ، وَأَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى الصُّلْحِ وَالْجَمَاعَةِ، فَإِذَا أَنْتَ ظَهَرْتَ فَلْيَكُنْ أَنْصَارُكَ آثَرَ النَّاسِ عِنْدَكَ، فسار عمرو بن العاص إلى مصر، فلما قدمها اجتمعت عليه العثمانية فقادهم، وكتب عمرو بن العاص إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ فتنح فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ يُصِيبَكَ مِنِّي ظُفُرٌ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا بِهَذِهِ الْبِلَادِ عَلَى خِلَافِكَ وَرَفْضِ أَمْرِكَ، وَنَدِمُوا عَلَى اتِّبَاعِكَ، فَهُمْ مُسْلِمُوكَ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ، فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنِّي لَكَ لَمِنَ النَّاصِحِينَ وَالسَّلَامُ. وَبَعَثَ إِلَيْهِ عَمْرٌو أَيْضًا بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ غِبَّ الْبَغْيِ وَالظُّلْمِ عَظِيمُ الْوَبَالِ، وإن سفك الدم الحرام لا يسلم صاحبه مِنَ النِّقْمَةِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّبِعَةِ الْمُوبِقَةِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ خِلَافًا عَلَى عُثْمَانَ مِنْكَ حِينَ تَطْعَنُ بِمَشَاقِصِكَ بين حشاشته وأوداجه، ثم إنك تظن أنى عنك نائم أو ناس ذلك لك، حتى تأتى فتأمر عَلَى بِلَادٍ أَنْتِ بِهَا جَارِي وَجُلُّ أَهْلِهَا أَنْصَارِي وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجُيُوشٍ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى الله

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست