responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 255
فَعَبَرُوا مِنْ هِيتَ ثُمَّ لَحِقُوا عَلِيًّا- وَقَدْ سَبَقَهُمْ- فَقَالَ عَلِيٌّ: مُقَدِّمَتِي تَأْتِي مِنْ وَرَائِي؟ فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ بِمَا جَرَى لَهُمْ، فَعَذَرَهُمْ ثُمَّ قَدَّمَهُمْ أَمَامَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ أَنْ عَبَرَ الْفُرَاتَ فَتَلَقَّاهُمْ أَبُو الْأَعْوَرِ عَمْرُو بْنُ سُفْيَانَ السُّلَمِىُّ فِي مُقَدِّمَةِ أَهْلِ الشَّامِ فَتَوَاقَفُوا، وَدَعَاهُمْ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ أَمِيرُ مُقَدِّمَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، إلى البيعة فَلَمْ يُجِيبُوهُ بِشَيْءٍ فَكَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ بِذَلِكَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ الْأَشْتَرَ النَّخَعِيَّ أَمِيرًا، وَعَلَى ميمنته زياد، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ شُرَيْحٌ، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ إليهم بقتال حتى يبدءوه بِالْقِتَالِ، وَلَكِنْ لِيَدْعُهُمْ إِلَى الْبَيْعَةِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَإِنِ امْتَنَعُوا فَلَا يُقَاتِلْهُمْ حَتَّى يُقَاتِلُوهُ وَلَا يَقْرَبْ مِنْهُمْ قُرْبَ مَنْ يُرِيدُ الْحَرْبَ، ولا يبتعد منهم ابتعاد من يهاب الرجال، ولكن صابرهم حتى آتينك فَأَنَا حَثِيثُ السَّيْرِ وَرَاءَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فتحاجزوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ حَمَلَ عليهم أبو الأعور السلمي وَبَعَثَ مَعَهُ بِكِتَابِ الْإِمَارَةِ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ مَعَ الحارث بن جهمان الْجُعْفِيِّ، فَلَمَّا قَدِمَ الْأَشْتَرُ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ امْتَثَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ عَلِيٌّ، فَتَوَاقَفَ هُوَ وَمُقَدِّمَةُ معاوية وعليها أبو الأعور السلمي فثبتوا له واصطبروا لهم سَاعَةً ثُمَّ انْصَرَفَ أَهْلُ الشَّامِ عِنْدَ الْمَسَاءِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَوَاقَفُوا أَيْضًا وَتَصَابَرُوا فَحَمَلَ الْأَشْتَرُ فَقَتَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُنْذِرِ التَّنُوخِيَّ- وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ أَهْلِ الشَّامِ- قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يُقَالُ لَهُ ظَبْيَانُ بْنُ عُمَارَةَ التَّمِيمِيُّ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَمَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو الْأَعْوَرِ بِمَنْ مَعَهُ، فَتَقَدَّمُوا إِلَيْهِمْ وَطَلَبَ الْأَشْتَرُ مِنْ أَبِي الْأَعْوَرِ أَنْ يُبَارِزَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ أَبُو الْأَعْوَرِ إِلَى ذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ رَآهُ غَيْرَ كفء له في ذلك والله أعلم. وتحاجز الْقَوْمُ عَنِ الْقِتَالِ عِنْدَ إِقْبَالِ اللَّيْلِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي، فَلَمَّا كَانَ صَبَاحُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَقْبَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جُيُوشِهِ، وَجَاءَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جُنُودِهِ، فتواجه الفريقان وتقابل الطائفتان فباللَّه الْمُسْتَعَانُ، فَتَوَاقَفُوا طَوِيلًا. وَذَلِكَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: صِفِّينَ وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ عَدَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَارْتَادَ لِجَيْشِهِ مَنْزِلًا، وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ سَبَقَ بِجَيْشِهِ فَنَزَلُوا على مشرعة الماء في أسهل موضع وأفسحه، فلما نزل عَلِيٌّ نَزَلَ بَعِيدًا مِنَ الْمَاءِ، وَجَاءَ سَرَعَانُ أَهْلِ الْعِرَاقِ لِيَرِدُوا مِنَ الْمَاءِ فَمَنَعَهُمْ أَهْلُ الشام، فوقع بينهم مقاتلة بسبب ذلك، وقد كان معاوية وَكَّلَ عَلَى الشَّرِيعَةِ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَشْرَعَةٌ سِوَاهَا، فَعَطِشَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ عَطَشًا شَدِيدًا فَبَعَثَ عَلِيٌّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي جَمَاعَةٍ لِيَصِلُوا إِلَى الْمَاءِ فَمَنَعَهُمْ أُولَئِكَ وقال: مُوتُوا عَطَشًا كَمَا مَنَعْتُمْ عُثْمَانَ الْمَاءَ، فَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ سَاعَةً، ثُمَّ تَطَاعَنُوا بِالرِّمَاحِ أُخْرَى، ثُمَّ تَقَاتَلُوا بِالسُّيُوفِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَمَدَّ كُلَّ طائفة أهلها، حتى جاء الأشتر النخعي من ناحية العراقيين وعمرو بن العاص من ناحية الشاميين، واشتدت الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ، وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ- وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفِ بْنِ الْأَحْمَرِ الْأَزْدِيُّ- وَهُوَ يُقَاتِلُ.
خَلُّوا لَنَا مَاءَ الْفُرَاتِ الْجَارِي ... أَوِ اثْبُتُوا بجحفل جرار
لكل قرم مشرب تيار ... مطاعن برمحه كرار

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست