responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 72
يَأْمُرْ بِشَيْءٍ فَقِيلَ: لَيْتَهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَلَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ فَقِيلَ: لَيْتَهُ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَأَحَلَّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ لَمْ يُحَرِّمْ منها شيئا كما حرم في شريعة غيره، وحرم والخبائث لم يحل منها شيئا كما استحل غَيْرُهُ، وَجَمَعَ مَحَاسِنَ مَا عَلَيْهِ الْأُمَمُ، فَلَا يُذْكَرُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ نَوْعٌ مِنَ الْخَبَرِ عَنِ اللَّهِ وَعَنِ الْمَلَائِكَةِ وَعَنِ الْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَّا وَقَدْ جَاءَ بِهِ عَلَى أَكْمَلِ وجه، وأخبر بأشياء ليست في الكتب وليس فِي الْكُتُبِ إِيجَابٌ لِعَدْلٍ وَقَضَاءٌ بِفَضْلٍ وَنَدْبٌ إِلَى الْفَضَائِلِ وَتَرْغِيبٌ فِي الْحَسَنَاتِ إِلَّا وَقَدْ جَاءَ بِهِ وَبِمَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَإِذَا نَظَرَ اللَّبِيبُ فِي الْعَبَّادَاتِ الَّتِي شَرَعَهَا وَعِبَادَاتِ غيره من الأمم ظهر له فَضْلُهَا وَرُجْحَانُهَا، وَكَذَلِكَ فِي الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ، وَأُمَّتُهُ أَكْمَلُ الْأُمَمِ فِي كُلِّ فَضِيلَةٍ، وَإِذَا قِيسَ عِلْمُهُمْ بِعِلْمِ سَائِرِ الْأُمَمِ ظَهَرَ فَضْلُ عِلْمِهِمْ، وَإِنْ قِيسَ دِينُهُمْ وَعِبَادَتُهُمْ وَطَاعَتُهُمْ للَّه بِغَيْرِهِمْ ظَهَرَ أَنَّهُمْ أَدْيَنُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِذَا قِيسَ شَجَاعَتُهُمْ وَجِهَادُهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَصَبْرُهُمْ عَلَى الْمَكَارِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، ظَهَرَ أَنَّهُمْ أَعْظَمُ جِهَادًا وَأَشْجَعُ قُلُوبًا، وَإِذَا قِيسَ سخاؤهم وبرهم وَسَمَاحَةُ أَنْفُسِهِمْ بِغَيْرِهِمْ، ظَهَرَ أَنَّهُمْ أَسْخَى وَأَكْرَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَهَذِهِ الْفَضَائِلُ بِهِ نَالُوهَا، وَمِنْهُ تَعَلَّمُوهَا، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِهَا، لَمْ يَكُونُوا قَبْلَهُ مُتَّبِعِينَ لِكِتَابٍ جَاءَ هُوَ بِتَكْمِيلِهِ، كَمَا جاء المسيح بِتَكْمِيلِ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، فَكَانَتْ فَضَائِلُ أَتْبَاعِ الْمَسِيحِ وَعُلُومُهُمْ بَعْضُهَا مِنَ التَّوْرَاةِ وَبَعْضُهَا مِنَ الزَّبُورِ وَبَعْضُهَا مِنَ النُّبُوَّاتِ وَبَعْضُهَا مِنَ الْمَسِيحِ وَبَعْضُهَا ممن بعده من الجواريين ومن بعض الْحَوَارِيِّينَ، وَقَدِ اسْتَعَانُوا بِكَلَامِ الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى أدخلوا- لما غيروا [من] دِينَ الْمَسِيحِ- فِي دِينِ الْمَسِيحِ أُمُورًا مِنْ أُمُورِ الْكُفَّارِ الْمُنَاقِضَةِ لِدِينِ الْمَسِيحِ. وَأَمَّا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُونُوا قبله يقرءون كِتَابًا، بَلْ عَامَّتُهُمْ مَا آمَنُوا بِمُوسَى وَعِيسَى وَدَاوُدَ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَهُمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، وَيُقِرُّوا بِجَمِيعِ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، ونهاهم عن أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الرُّسُلِ، فَقَالَ تَعَالَى فِي الْكِتَابِ الَّذِي جَاءَ بِهِ: «قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» 2: 136- 137 وقال تعالى: «آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ من رُسُلِهِ، وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا، غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» 2: 285- 286 [لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ] 2: 286 [1] الآية وأمته عليه السلام لا يستحلون أن يوجدوا شَيْئًا مِنَ الدِّينِ غَيْرَ مَا جَاءَ بِهِ، وَلَا يَبْتَدِعُونَ بِدَعَةً مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا من سلطان، ولا يسرعون مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، لَكِنَّ مَا قَصَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وأممهم، اعتبروا به، وما

[1] جميع ما بين الأقواس المربعة في هذه الملزمة من زيادة التيمورية.
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست