responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 306
صِفَةُ خُرُوجِهِ وَتَمْلِيكِهِ وَمَقْتَلِهِ
قَدْ أَسْلَفْنَا فِيمَا تقدم أن اليمن كانت لِحِمْيَرَ، وَكَانَتْ مُلُوكُهُمْ يُسَمَّوْنَ التَّبَابِعَةَ، وَتَكَلَّمْنَا فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى طَرَفٍ صَالِحٍ مِنْ هَذَا، ثُمَّ إِنَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ بَعَثَ أَمِيرَيْنِ مِنْ قُوَّادِهِ، وَهُمَا أَبَرْهَةُ الْأَشْرَمُ، وَأَرْيَاطُ، فَتَمَلَّكَا لَهُ الْيَمَنَ مِنْ حِمْيَرَ، وَصَارَ مُلْكُهَا لِلْحَبَشَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَذَانَ الْأَمِيرَانِ، فَقُتِلَ أَرْيَاطُ وَاسْتَقَلَّ أَبَرْهَةُ بالنيابة، وبنى كنيسة سماها العانس، لِارْتِفَاعِهَا، وَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ حَجَّ الْعَرَبِ إِلَيْهَا دُونَ الْكَعْبَةِ، فَجَاءَ بَعْضُ قُرَيْشٍ فَأَحْدَثَ فِي هَذِهِ الْكَنِيسَةِ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ حَلَفَ لَيُخَرِّبَنَّ بَيْتَ مَكَّةَ، فَسَارَ إِلَيْهِ وَمَعَهُ الْجُنُودُ وَالْفِيلُ مَحْمُودٌ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ، فَرَجَعَ أَبَرْهَةُ بِبَعْضِ مَنْ بَقِيَ مِنْ جَيْشِهِ فِي أَسْوَأِ حَالٍ وَشَرِّ خَيْبَةٍ، وَمَا زَالَ تَسْقُطُ أَعْضَاؤُهُ أُنْمُلَةً أُنْمُلَةً، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى صَنْعَاءَ انْصَدَعَ صَدْرُهُ فَمَاتَ، فَقَامَ بِالْمُلْكِ بعده ولده بلسيوم بْنُ أَبْرَهَةَ ثُمَّ أَخُوهُ مَسْرُوقُ بْنُ أَبَرْهَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ اسْتَمَرَّ مُلْكُ الْيَمَنِ بِأَيْدِي الْحَبَشَةِ سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ ثَارَ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ الْحِمْيَرِيُّ، فَذَهَبَ إِلَى قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ يَسْتَنْصِرُهُ عَلَيْهِمْ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ- لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الِاجْتِمَاعِ فِي دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ- فَسَارَ إِلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ فَاسْتَغَاثَ بِهِ، وَلَهُ مَعَهُ مَوَاقِفُ وَمَقَامَاتٌ فِي الْكَلَامِ تَقَدَّمَ بَسْطُ بَعْضِهَا، ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى أَنْ بَعَثَ مَعَهُ مِمَّنْ بِالسُّجُونِ طَائِفَةً تَقَدَّمَهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: وَهْرِزُ، فَاسْتَنْقَذَ مُلْكَ الْيَمَنِ مِنَ الْحَبَشَةِ، وَكَسَرَ مَسْرُوقَ بْنَ أَبَرْهَةَ وَقَتَلَهُ، وَدَخَلُوا إِلَى صَنْعَاءَ وَقَرَّرُوا سَيْفَ بْنَ ذِي يَزَنَ فِي الْمُلْكِ عَلَى عَادَةِ آبَائِهِ، وَجَاءَتِ الْعَرَبُ تُهَنِّئُهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، غَيْرَ أَنَّ لِكِسْرَى نُوَّابًا عَلَى الْبِلَادِ، فَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ، ثُمَّ هَاجَرَ إلى المدينة فلما كتب كتبه إلى الْآفَاقِ يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَكَتَبَ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ إِلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ الْفُرْسِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، إِلَى آخِرِهِ، فَلَمَّا جَاءَهُ الْكِتَابُ قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا كِتَابٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَلَمَّا فَتَحَ الْكِتَابَ فَوَجَدَهُ قَدْ بَدَأَ بِاسْمِهِ قَبْلَ اسْمِ كِسْرَى، غَضِبَ كِسْرَى غَضَبًا شَدِيدًا، وَأَخَذَ الْكِتَابَ فَمَزَّقَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى الْيَمَنِ- وَكَانَ اسْمُهُ بَاذَامَ- أَمَّا بَعْدُ فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَابْعَثْ مِنْ قِبَلِكَ أَمِيرَيْنِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَابْعَثْهُ إِلَيَّ فِي جَامِعَةٍ، فَلَمَّا جَاءَ الْكِتَابُ إِلَى بَاذَامَ، بَعَثَ مِنْ عِنْدِهِ أَمِيرَيْنِ عَاقِلَيْنِ، وَقَالَ: اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ، فَانْظُرَا مَا هُوَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَخُذَاهُ فِي جَامِعَةٍ حَتَّى تَذْهَبَا بِهِ إِلَى كِسْرَى، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَارْجِعَا إِلَيَّ فَأَخْبِرَانِي مَا هُوَ، حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ، فَقَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الْمَدِينَةِ، فَوَجَدَاهُ عَلَى أَسَدِّ الْأَحْوَالِ وَأَرْشَدِهَا، وَرَأَيَا مِنْهُ أُمُورًا عَجِيبَةً، يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَمَكَثَا عِنْدَهُ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست