responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 264
اللَّهمّ اسْقِنَا، فَمَا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ حَتَّى رئي المطر يتحادر على لحيته الكريمة، صلّى الله عليه وسلّم، فَاسْتَحْضَرَ مَنِ اسْتَحْضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَوْلَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فِيهِ: -
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالَ الْيَتَامَى عِصْمَةً لِلْأَرَامِلِ
يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فهم عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ
وَكَذَلِكَ اسْتَسْقَى فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ لِلْجَدْبِ وَالْعَطَشِ فَيُجَابُ كَمَا يريد على قدر الحاجة المائية، ولا أزيد ولا أنقص، وهكذا وقع أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا مَاءُ رَحْمَةٍ وَنِعْمَةٍ، وَمَاءُ الطُّوفَانِ مَاءُ غَضَبٍ وَنِقْمَةٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَسْتَسْقِي بِالْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسْقَوْنَ، وَكَذَلِكَ مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ فِي غَالِبِ الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ، يَسْتَسْقُونَ فَيُجَابُونَ فيسقون، و [غيرهم] لا يجابون غالبا ولا يسقون وللَّه الْحَمْدُ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَلَبِثَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، فبلغ جميع من آمن رِجَالًا وَنِسَاءً، الَّذِينَ رَكِبُوا مَعَهُ سَفِينَتَهُ، دُونَ مائة نفس، وآمن بنبينا- فِي مُدَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً، - النَّاسُ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَدَانَتْ لَهُ جَبَابِرَةُ الْأَرْضِ وَمُلُوكُهَا، وَخَافَتْ زَوَالَ مُلْكِهِمْ، كَكِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَأَسْلَمَ النَّجَاشِيُّ وَالْأَقْيَالُ رَغْبَةً فِي دِينِ اللَّهِ، وَالْتَزَمَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ به من عظماء الأرض الجزية، والايادة عن صغار، أهل نجران، وهجر، وأيلة، وأنذر دُومَةَ، فَذَلُّوا لَهُ مُنْقَادِينَ، لِمَا أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الرُّعْبِ الَّذِي يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَهْرًا، وَفَتَحَ الْفُتُوحَ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ الله أَفْواجاً 110: 1- 2 قُلْتُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ الْمَدِينَةَ وَخَيْبَرَ وَمَكَّةَ وَأَكْثَرَ الْيَمَنِ وَحَضْرَمَوْتَ، وَتُوُفِّيَ عَنْ مِائَةِ أَلْفِ صَحَابِيٍّ أَوْ يَزِيدُونَ وَقَدْ كَتَبَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ الْكَرِيمَةِ إِلَى سَائِرِ مُلُوكِ الْأَرْضِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ وَمِنْهُمْ مَنْ صَانَعَ وَدَارَى عَنْ نَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكَبَّرَ فَخَابَ وَخَسِرَ، كَمَا فَعَلَ كِسْرَى بن هرمز حين عتى وَبَغَى وَتَكَبَّرَ، فَمُزِّقَ مُلْكُهُ، وَتَفَرَّقَ جُنْدُهُ شَذَرَ مَذَرَ، ثُمَّ فَتَحَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ، أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ على التَّالِي عَلَى الْأَثَرِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، مِنَ الْبَحْرِ الْغَرْبِيِّ إِلَى الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زويت لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله وكذا وقع سواء بسواء، فقد استولت الْمَمَالِكُ الْإِسْلَامِيَّةُ عَلَى مُلْكِ قَيْصَرَ وَحَوَاصِلِهِ، إِلَّا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَجَمِيعِ مَمَالِكِ كِسْرَى وَبِلَادِ الْمَشْرِقِ، وَإِلَى أَقْصَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ، إِلَى أَنْ قُتِلَ عُثْمَانُ رضى الله عنه في سنة ستة وثلاثين فَكَمَا عَمَّتْ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ النِّقْمَةُ بِدَعْوَةِ نوح عليه السلام، لما رآهم عَلَيْهِ مِنَ التَّمَادِي فِي الضَّلَالِ وَالْكُفْرِ وَالْفُجُورِ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ غَضَبًا للَّه وَلِدِينِهِ وَرِسَالَتِهِ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ، وَغَضِبَ لِغَضَبِهِ، وَانْتَقَمَ مِنْهُمْ بِسَبَبِهِ، كذلك عمت جميع

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست