responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 118
صَلَاةَ الْعَصْرِ حَتَّى تَأْتُوا بَنِي قُرَيْظَةَ، فَغَرَبَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُمْ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ أَنْ تَدَعُوا الصَّلَاةَ فَصَلَّوْا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: وَاللَّهِ إِنَّا لَفِي عَزِيمَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَلَيْنَا مِنْ إِثْمٍ، فَصَلَّتْ طَائِفَةٌ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَتَرَكَتْ طَائِفَةٌ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَلَمْ يُعَنِّفْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِمَجَالِسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَالَ هَلْ مَرَّ بِكُمْ أَحَدٌ؟ فَقَالُوا مَرَّ عَلَيْنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ تَحْتَهُ قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ، فَقَالَ:
ذَلِكَ جِبْرِيلُ أُرْسِلَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لِيُزَلْزِلَهُمْ وَيَقْذِفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَحَاصَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أن يستروه بالجحف حتى يسمع كلامهم، فَنَادَاهُمْ يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ. فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ لَمْ تَكُنْ فَحَّاشًا، فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ. وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ جَيِّدَةٌ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُصِيبِ مِنَ الصَّحَابَةِ يَوْمَئِذٍ مَنْ هُوَ؟ بَلِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مَأْجُورٌ وَمَعْذُورٌ غَيْرُ مُعَنَّفٍ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الَّذِينَ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ يَوْمَئِذٍ عَنْ وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا حَتَّى صَلَّوْهَا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ هُمُ الْمُصِيبُونَ، لِأَنَّ أَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ الْأَمْرِ بِهَا فِي وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الظاهري في كتاب السِّيرَةِ: وَعَلِمَ اللَّهُ أَنَّا لَوْ كُنَّا هُنَاكَ لَمْ نُصَلِّ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ مَاشٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فِي الْأَخْذِ بِالظَّاهِرِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنَ الْعُلَمَاءِ: بَلِ الَّذِينَ صَلَّوُا الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا لَمَّا أَدْرَكَتْهُمْ وَهُمْ فِي مَسِيرِهِمْ هُمُ الْمُصِيبُونَ لِأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ الْمُرَادَ إِنَّمَا هُوَ تَعْجِيلُ السَّيْرِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لَا تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ فَعَمِلُوا بِمُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا مَعَ فَهْمِهِمْ عَنِ الشَّارِعِ مَا أَرَادَ، وَلِهَذَا لَمْ يُعَنِّفْهُمْ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا الَّتِي حُوِّلَتْ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ كَمَا يَدَّعِيهِ أُولَئِكَ، وَأَمَّا أُولَئِكَ الَّذِينَ أَخَّرُوا فَعُذِرُوا بِحَسَبِ مَا فَهِمُوا، وَأَكْثَرُ مَا كَانُوا يُؤْمَرُونَ بِالْقَضَاءِ وَقَدْ فَعَلُوهُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ لِعُذْرِ الْقِتَالِ كَمَا فَهِمَهُ الْبُخَارِيُّ حَيْثُ احْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ فِي هَذَا فَلَا إِشْكَالَ عَلَى مَنْ أَخَّرَ وَلَا عَلَى مَنْ قَدَّمَ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمَعَهُ رَايَتُهُ وَابْتَدَرَهَا النَّاسُ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مُغْتَسَلِهِ كَمَا يَزْعُمُونَ قَدْ رَجَّلَ أَحَدَ شِقَّيْهِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَى فَرَسٍ عَلَيْهِ لَأْمَتُهُ حَتَّى وَقَفَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ له جبريل: غفر الله لك أو قد وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ جِبْرِيلُ:
لَكِنَّا لَمْ نَضَعْهُ مُنْذُ نَزَلَ بِكَ الْعَدُوُّ وَمَا زِلْتُ فِي طَلَبِهِمْ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ- وَيَقُولُونَ إِنَّ عَلَى وَجْهِ جِبْرِيلَ لَأَثَرَ الْغُبَارِ- فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ بِقِتَالِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَنَا عَامِدٌ إِلَيْهِمْ بِمَنْ مَعِي

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست