responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 169
لَهُ دَوْسٌ ذُو ثُعْلُبَانِ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَسَلَكَ الرَّمْلَ فَأَعْجَزَهُمْ فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ ذَلِكَ حتى أنى قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ فَاسْتَنْصَرَهُ عَلَى ذِي نُوَاسٍ وَجُنُودِهِ وَأَخْبَرَهُ بِمَا بَلَغَ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ عَلَى دِينِهِمْ. فَقَالَ لَهُ بَعُدَتْ بِلَادُكَ مِنَّا وَلَكِنْ سَأَكْتُبُ لَكَ إِلَى مَلِكِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا الدِّينِ وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى بِلَادِكَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِنَصْرِهِ وَالطَّلَبِ بِثَأْرِهِ. فَقَدِمَ دَوْسٌ عَلَى النَّجَاشِيِّ بِكِتَابِ قَيْصَرَ فَبَعَثَ مَعَهُ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْحَبَشَةِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ أَرْيَاطُ وَمَعَهُ فِي جُنْدِهِ أَبْرَهَةُ الْأَشْرَمُ فَرَكِبَ أَرْيَاطُ الْبَحْرَ حَتَّى نَزَلَ بِسَاحِلِ الْيَمَنِ وَمَعَهُ دَوْسٌ وَسَارَ إِلَيْهِ ذُو نُوَاسٍ فِي حِمْيَرَ وَمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ. فَلَمَّا الْتَقَوُا انْهَزَمَ ذُو نُوَاسٍ وَأَصْحَابُهُ فَلَمَّا رَأَى ذُو نُوَاسٍ مَا نَزَلْ بِهِ وَبِقَوْمِهِ وَجَّهَ فَرَسَهُ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَدَخَلَ فِيهِ فَخَاضَ بِهِ ضَحْضَاحَ الْبَحْرِ حَتَّى أَفْضَى بِهِ إِلَى غَمْرَةٍ فَأَدْخَلَهُ فِيهَا فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ وَدَخَلَ أَرْيَاطُ الْيَمَنَ وَمَلَكَهَا وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ هَاهُنَا أَشْعَارًا لِلْعَرَبِ فِيمَا وَقَعَ مِنْ هَذِهِ الْكَائِنَةِ الْغَرِيبَةِ وَفِيهَا فَصَاحَةٌ وَحَلَاوَةٌ وَبَلَاغَةٌ وَطَلَاوَةٌ وَلَكِنْ تَرْكَنَا إِيرَادَهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ وَخَوْفَ الْمَلَالَةِ وباللَّه الْمُسْتَعَانُ
ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا واقتتالهما وصيرورة ملك اليمن الى ابرهة بعد قتله ارياط
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَأَقَامَ أَرْيَاطُ بِأَرْضِ الْيَمَنِ سِنِينَ فِي سُلْطَانِهِ ذَلِكَ ثُمَّ نَازَعَهُ أَبْرَهَةُ حَتَّى تَفَرَّقَتِ الْحَبَشَةُ عَلَيْهِمَا. فَانْحَازَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا طَائِفَةٌ ثُمَّ سَارَ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ. فَلَمَّا تَقَارَبَ النَّاسُ أَرْسَلَ أَبْرَهَةُ إِلَى أَرْيَاطَ إِنَّكَ لَنْ تَصْنَعَ بِأَنْ تُلْقِيَ الْحَبَشَةَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ حَتَّى تُفْنِيَهَا شَيْئًا شَيْئًا، فَابْرُزْ لِي وَأَبْرُزُ لَكَ فَأَيُّنَا أَصَابَ صَاحِبَهُ انْصَرَفَ إِلَيْهِ جُنْدُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَرْيَاطُ أَنْصَفْتَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبْرَهَةُ وَكَانَ رَجُلًا قَصِيرًا لَحِيمًا وَكَانَ ذَا دِينٍ فِي النَّصْرَانِيَّةِ وَخَرَجَ إِلَيْهِ أَرْيَاطُ وَكَانَ رَجُلًا جَمِيلًا عَظِيمًا طَوِيلًا وَفِي يَدِهِ حَرْبَةٌ لَهُ. وَخَلْفَ أَبْرَهَةَ غُلَامٌ يُقَالَ لَهُ عَتُودَةَ يَمْنَعُ ظَهْرَهُ. فَرَفَعَ أَرْيَاطُ الْحَرْبَةَ فَضَرَبَ أَبْرَهَةَ يُرِيدُ يَافُوخَهُ. فَوَقَعَتِ الْحَرْبَةُ عَلَى جَبْهَةِ أَبْرَهَةَ فَشَرَمَتْ حَاجِبَهُ وَعَيْنَهُ وَأَنْفَهُ وَشَفَتَهُ فَبِذَلِكَ سُمِّيَ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمَ. وَحَمَلَ عَتُودَةُ عَلَى أَرْيَاطَ مِنْ خَلْفِ أَبْرَهَةَ فَقَتَلَهُ وَانْصَرَفَ جُنْدُ أَرْيَاطَ إِلَى أَبْرَهَةَ. فَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْحَبَشَةُ بِالْيَمَنِ وَوَدَى أَبْرَهَةُ أَرْيَاطَ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ الَّذِي بَعَثَهُمْ إِلَى الْيَمَنِ غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا عَلَى أَبْرَهَةَ وَقَالَ عَدَا عَلَى أَمِيرِي فَقَتَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِي ثُمَّ حَلَفَ لَا يَدَعُ أَبْرَهَةَ حَتَّى يَطَأَ بِلَادَهُ وَيَجُزَّ نَاصِيَتَهُ فَحَلَقَ أَبْرَهَةُ رَأْسَهُ وَمَلَأَ جِرَابًا مِنْ تُرَابِ الْيَمَنِ ثُمَّ بَعَثَ بِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّمَا كَانَ أَرْيَاطُ عَبْدَكَ وَأَنَا عَبْدُكَ فَاخْتَلَفْنَا فِي أَمْرِكَ وَكُلٌّ طَاعَتُهُ لَكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَقْوَى عَلَى أَمْرِ الْحَبَشَةِ وَأَضْبَطَ لَهَا وَأَسْوَسَ مِنْهُ. وَقَدْ حَلَقْتُ رَأْسِي كُلَّهُ حِينَ بَلَغَنِي قَسَمُ الْمَلِكِ وَبَعَثْتُ إِلَيْهِ بِجِرَابِ تُرَابٍ مِنْ أَرْضِي لِيَضَعَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَبَرَّ قَسَمَهُ فِيَّ. فَلَمَّا انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى النَّجَاشِيِّ رَضِيَ عَنْهُ وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ اثْبُتْ بِأَرْضِ الْيَمَنِ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي فَأَقَامَ أَبْرَهَةُ باليمن

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست