responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 295
إِلَى الْمَلِكِ الْكَامِلِ سُنْقُرَ الْأَشْقَرِ يَطْلُبُهُ إِلَيْهِ نَجْدَةً فَجَاءَ إِلَى خِدْمَتِهِ فَأَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ وَاحْتَرَمَهُ وَرَتَّبَ لَهُ الْإِقَامَاتِ، وَتَكَامَلَتِ الْجُيُوشُ كُلُّهَا فِي صُحْبَةِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ عَازِمِينَ عَلَى لِقَاءِ الْعَدُوِّ لَا مَحَالَةَ مُخْلِصِينَ فِي ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ بَعْدَ خُرُوجِ الْمَلِكِ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ وَوَضَعُوا الْمُصْحَفَ الْعُثْمَانِيَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَجَعَلُوا يَبْتَهِلُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَخَرَجُوا كَذَلِكَ وَالْمُصْحَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى يَدْعُونَ وَيَبْتَهِلُونَ وَيَبْكُونَ، وَأَقْبَلَتِ التَّتَارُ قَلِيلًا قَلِيلًا فَلَمَّا وَصَلُوا حَمَاةَ أَحْرَقُوا بُسْتَانَ الْمَلِكِ وَقَصْرَهُ وَمَا هُنَالِكَ مِنَ الْمَسَاكِنِ، وَالسُّلْطَانُ الْمَنْصُورُ مُخَيِّمٌ بِحِمْصَ فِي عَسَاكِرَ مِنَ الْأَتْرَاكِ وَالتُّرْكُمَانِ وغيرهم جحفل كثير جدا، وأقبلت التَّتَارُ فِي مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ أَوْ يَزِيدُونَ، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّه.
وَقْعَةُ حِمْصَ
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ رَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَتَوَاجَهَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعَسْكَرُ التَّتَرِ فِي مِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ، وَعَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَزِيدُ قَلِيلًا، وَالْجَمِيعُ فِيمَا بَيْنَ مَشْهَدِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى الرَّسْتَنِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا عَظِيمًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ من أعصار متطاولة، فاستظهر التتار أَوَّلَ النَّهَارِ، وَكَسَرُوا الْمَيْسَرَةَ وَاضْطَرَبَتِ الْمَيْمَنَةُ أَيْضًا وباللَّه المستعان. وكسر جَنَاحُ الْقَلْبِ الْأَيْسَرُ وَثَبَتَ السُّلْطَانُ ثَبَاتًا عَظِيمًا جِدًّا فِي جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ، وَقَدِ انْهَزَمَ كَثِيرٌ مِنْ عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّتَارُ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى وصلوا وراءهم إلى بحيرة حمص ووصلوا حِمْصَ وَهِيَ مُغَلَّقَةُ الْأَبْوَابِ، فَقَتَلُوا خَلْقًا مِنَ الْعَامَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَشْرَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى خُطَّةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ الْهَلَاكِ، ثُمَّ إِنَّ أَعْيَانَ الْأُمَرَاءِ مِنَ الشجعان والفرسان تآمروا فِيمَا بَيْنَهُمْ مِثْلَ سُنْقُرَ الْأَشْقَرِ وَبَيْسَرِي وَطَيْبَرْسَ الْوَزِيرِيِّ وَبَدْرِ الدِّينِ أَمِيرِ سِلَاحٍ وَأَيْتَمُشَ السَّعْدِيِّ وحسام الدين لاجين وحسام الدين طرنطاى والدويدارى وَأَمْثَالِهِمْ، لَمَّا رَأَوْا ثَبَاتَ السُّلْطَانِ رَدُّوا إِلَى السلطان وحملوا حملات متعددة صادقة، ولم يزالو يُتَابِعُونَ الْحَمْلَةَ بَعْدَ الْحَمْلَةِ حَتَّى كَسَرَ اللَّهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ التَّتَرَ، وَجُرِحَ مَنْكُوتَمُرُ، وَجَاءَهُمُ الْأَمِيرُ عِيسَى بْنُ مُهَنَّا مِنْ نَاحِيَةِ الْعَرْضِ فَصَدَمَ التتر فأضربت الْجُيُوشُ لِصَدْمَتِهِ، وَتَمَّتِ الْهَزِيمَةُ وللَّه الْحَمْدُ، وَقَتَلُوا من التتار مقتلة عظيمة جدا، ورجعت من التتار الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْمُنْهَزِمِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَدُوا أَصْحَابَهُمْ قَدْ كُسِرُوا، وَالْعَسَاكِرُ فِي آثَارِهِمْ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ، وَالسُّلْطَانُ ثَابِتٌ فِي مَكَانِهِ تَحْتَ السَّنَاجِقِ، وَالْكُوسَاتُ تضرب خلفه وما معه إلا أَلْفِ فَارِسٍ، فَطَمِعُوا فِيهِ فَقَاتَلُوهُ فَثَبَتَ لَهُمْ ثَبَاتًا عَظِيمًا فَانْهَزَمُوا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَلِحَقَهُمْ فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ تَمَامَ النَّصْرِ، وَكَانَ انهزام التتار قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَافْتَرَقُوا فِرْقَتَيْنِ أَخَذَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ إِلَى نَاحِيَةِ سَلَمْيَةَ وَالْبَرِّيَّةِ، وَالْأُخْرَى إِلَى نَاحِيَةِ حَلَبَ وَالْفُرَاتِ، فَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ فِي آثَارِهِمْ مَنْ يَتْبَعُهُمْ وَجَاءَتِ الْبِطَاقَةُ بِالْبِشَارَةِ بِمَا وَقَعَ مِنَ النَّصْرِ إِلَى دِمَشْقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَامِسَ عَشَرَ رَجَبٍ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ وَزُيِّنَتِ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست