responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 215
ثم دخلت سنة سبع وخمسين وستمائة
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ خَلِيفَةٌ، وَسُلْطَانُ دِمَشْقَ وَحَلَبَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ الْعَزِيزِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الظَّاهِرِ غَازِيِّ بن الناصر صلاح الدين، وَهُوَ وَاقِعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْرِيِّينَ وَقَدْ مَلَّكُوا نُورَ الدِّينِ عَلِيَّ بْنَ الْمُعِزِّ أَيْبَكَ التُّرْكُمَانِيَّ ولقبوه بالمنصور، وقد أرسل الملك الغاشم هولاكوخان إلى الملك الناصر صاحب دمشق يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ وَلَدَهُ الْعَزِيزَ وَهُوَ صَغِيرٌ وَمَعَهُ هَدَايَا كَثِيرَةٌ وَتُحَفٌ، فَلَمْ يَحْتَفِلْ به هولاكوخان بل غضب على أبيه إذ لم يقبل إليه، وأخذ ابنه وقال أنا أَسِيرُ إِلَى بِلَادِهِ بِنَفْسِي، فَانْزَعَجَ النَّاصِرُ لِذَلِكَ، وَبَعَثَ بِحَرِيمِهِ وَأَهْلِهِ إِلَى الْكَرَكِ لِيُحَصِّنَهُمْ بِهَا وخاف أهل دمشق خوفا شديدا، ولا سيما لما بلغهم أن التتار قد قطعوا الفرات، سافر كثير منهم إلى مصر في زمن الشتاء، فمات ناس كثير منهم ونهبوا، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156. وأقبل هولاكوخان فقصد الشام بجنوده وعساكره، وقد امتنعت عليه ميافارقين مُدَّةَ سَنَةٍ وَنِصْفٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَلَدَهُ أَشْمُوطَ فافتتحها قسرا وأنزل مَلِكَهَا الْكَامِلَ بْنَ الشِّهَابِ غَازِي بْنِ الْعَادِلِ فَأَرْسَلَهُ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ مُحَاصَرٌ حَلَبَ فَقَتَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَنَابَ عَلَيْهَا بَعْضَ مَمَالِيكِ الْأَشْرَفِ، وَطِيفَ بِرَأْسِ الْكَامِلِ فِي الْبِلَادِ، وَدَخَلُوا بِرَأْسِهِ إِلَى دِمَشْقَ، فَنُصِبَ عَلَى بَابِ الْفَرَادِيسِ الْبَرَّانِيِّ، ثُمَّ دُفِنَ بِمَسْجِدِ الرَّأْسِ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَادِيسِ الْجَوَّانِيِّ، فَنَظَمَ أَبُو شَامَةَ فِي ذَلِكَ قَصِيدَةً يَذْكُرُ فِيهَا فَضْلَهُ وَجِهَادَهُ، وَشَبَّهَهُ بِالْحُسَيْنِ فِي قَتْلِهِ مَظْلُومًا، وَدُفِنَ رَأْسُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ.
وَفِيهَا عمل الخواجه نَصِيرُ [الدِّينِ الطُّوسِيُّ] الرَّصْدَ بِمَدِينَةِ مَرَاغَةَ، وَنَقَلَ إِلَيْهِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ كُتُبِ الْأَوْقَافِ الَّتِي كانت ببغداد، وعمل دار حكمة ورتب فيها فلاسفة، ورتب لكل واحد في اليوم والليلة ثلاثة دراهم، ودار طب فيها للطبيب فِي الْيَوْمِ دِرْهَمَانِ، وَمَدْرَسَةً لِكُلِّ فَقِيهٍ فِي الْيَوْمِ دِرْهَمٌ، وَدَارَ حَدِيثٍ لِكُلِّ مُحَدِّثٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ فِي الْيَوْمِ. وَفِيهَا قَدِمَ الْقَاضِي الْوَزِيرُ كَمَالُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ أَبِي جَرَادَةَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْعَدِيمِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ رَسُولًا مِنْ صَاحِبِ دِمَشْقَ النَّاصِرِ بْنِ الْعَزِيزِ يَسْتَنْجِدُ الْمِصْرِيِّينَ على قتال التتار، وأنهم قَدِ اقْتَرَبَ قُدُومُهُمْ إِلَى الشَّامِ، وَقَدِ اسْتَوْلَوْا على بلاد الجزيرة وغيرها، وقد جاز أشموط بن هولاكوخان الفرات وقرب من حلب، فعند ذلك عقدوا مجلسا بَيْنَ يَدَيِ الْمَنْصُورِ بْنِ الْمُعِزِّ التُّرْكُمَانِيِّ، وَحَضَرَ قَاضِي مِصْرَ بَدْرُ الدِّينِ السِّنْجَارِيُّ، وَالشَّيْخُ عِزُّ الدين بن عبد السلام، وتفاوضوا الْكَلَامَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِ الْعَامَّةِ لِمُسَاعَدَةِ الْجُنْدِ، وَكَانَتِ الْعُمْدَةَ عَلَى مَا يقوله ابن عبد السلام، وكان حاصل كلامه أنه قال إِذَا لَمْ يَبْقَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ ثم أنفقتم أموال الحوائض المذهبة وغيرها من الفضة والزينة، وَتَسَاوَيْتُمْ أَنْتُمْ وَالْعَامَّةُ فِي الْمَلَابِسِ سِوَى آلَاتِ الحرب بحيث لم يبق للجندى سوى فرسه التي يركبها، ساغ للحاكم حينئذ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 13  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست