responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 41
ثم أمر بهدم فنادقها وَأَسْوَارِهَا وَرَدْمِ خَنَادِقِهَا وَأَنْهَارِهَا، وَأَقَامَ بِهَا سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَبَعَثَ فِي آثَارِ مَنِ انْهَزَمَ منهم، فكان لا يأتون بأحد منهم إلا استماله إلى الحق برفق ولين وصفح، فمن أجابه أضافه إِلَى بَعْضِ الْأُمَرَاءِ- وَكَانَ مَقْصُودُهُ رُجُوعَهُمْ إِلَى الدين والحق- ومن لم يجبه قتله وحبسه. ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْأَهْوَازِ فَأَجْلَاهُمْ عَنْهَا وَطَرَدَهُمْ مِنْهَا وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، مِنْهُمْ أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَصْرِيُّ وَكَانَ رَئِيسًا فِيهِمْ مُطَاعًا، وَغَنِمَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَكَتَبَ الْمُوَفَّقُ إِلَى صَاحِبِ الزَّنْجِ قَبَّحَهُ الله كتابا يدعوه فيه إلى التوبة والرجوع عما ارْتَكَبَهُ مِنَ الْمَآثِمِ وَالْمَظَالِمِ وَالْمَحَارِمِ وَدَعْوَى النُّبُوَّةِ والرسالة وخراب البلدان واستحلال الفروج الحرام. ونبذ لَهُ الْأَمَانَ إِنْ هُوَ رَجَعَ إِلَى الْحَقِّ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الزَّنْجِ جَوَابًا
ذِكْرُ مَسِيرِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ إِلَى الْمَدِينَةِ الَّتِي فِيهَا صَاحِبُ الزَّنْجِ وَهِيَ الْمُخْتَارَةُ لِيُحَاصِرَهَا
لَمَّا كَتَبَ أَبُو أَحْمَدَ إِلَى صَاحِبِ الزَّنْجِ يَدْعُوهُ إِلَى الْحَقِّ فَلَمْ يُجِبْهُ، اسْتِهَانَةً بِهِ، رَكِبَ من فوره فِي جُيُوشٍ عَظِيمَةٍ قَرِيبٍ مِنْ خَمْسِينَ أَلْفَ مقاتل، قاصدا إلى المختارة مدينة صاحب الزنج، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهَا وَجَدَهَا فِي غَايَةِ الْإِحْكَامِ، وَقَدْ حَوَّطَ عَلَيْهَا مِنْ آلَاتِ الْحِصَارِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَقَدِ الْتَفَّ عَلَى صَاحِبِ الزَّنْجِ نَحْوٌ مَنْ ثَلَاثمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ بِسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَمِقْلَاعٍ، وَمَنْ يَكْثُرُ سَوَادُهُمْ، فَقَدَّمَ الْمُوَفَّقُ وَلَدَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَقَدَّمَ حَتَّى وَقَفَ تَحْتَ قصر الملك فحاصره محاصرة شديدة، وتعجب الزنج من إقدامه وجرأته، ثم تراكمت الزنج عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَهَزَمَهُمْ وَأَثْبَتَ بَهْبُوذَ أكبر أمراء صاحب الزنج بالسهام والحجارة ثم خامر جماعة من أصحاب أمراء صاحب الزنج إلى الموفق فأكرمهم وأعطاهم خلعا سنية ثم رغب إلى ذلك جماعة كثيرون فصاروا إلى الموفق، ثُمَّ رَكِبَ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ فِي يَوْمِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَنَادَى فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ بِالْأَمَانِ إِلَّا صَاحِبَ الزَّنْجِ فَتَحَوَّلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ من جيش صاحب الزنج إلى الموفق، وابتنى الموفق مدينة تجاه مدينة صاحب الزنج سَمَّاهَا الْمُوَفَّقِيَّةَ، وَأَمَرَ بِحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ وَالتِّجَارَاتِ إِلَيْهَا، فَاجْتَمَعَ بِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْيَاءِ وَصُنُوفِهَا مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي بَلَدٍ قَبْلَهَا، وَعَظُمَ شَأْنُهَا وَامْتَلَأَتْ مِنَ الْمَعَايِشِ وَالْأَرْزَاقِ وَصُنُوفِ التِّجَارَاتِ وَالسُّكَّانِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا بَنَاهَا لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى قِتَالِ صَاحِبِ الزَّنْجِ، ثُمَّ جَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ عظيمة، وما زالت الحرب ناشبة حتى انسلخت هذه السنة وهم محاصرون للخبيث صاحب الزنج، وَقَدْ تَحَوَّلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَصَارُوا عَلَى صاحب الزنج بعد ما كانوا معه، وبلغ عدد من تحول قَرِيبًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفًا مِنَ الْأُمَرَاءِ الْخَوَاصِّ والأجناد، والموفق وأصحابه في زيادة وقوة ونصر وظفر. وفيها حج بالناس هارون بن محمد الهاشمي وفيها توفى من الأعيان إسماعيل بن سيبويه. وإسحاق بن إبراهيم بن شاذان. ويحيى بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ. وَعَبَّاسٌ التَّرَقُفِيُّ. وَمُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ بَكْرِ بْنِ حَمَّادٍ أَبُو بَكْرٍ المقري صَاحِبُ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 11  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست