responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 81
بِهَا، فَدَلَّ عَلَى مَكَانِهِمَا الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ فَهَرَبَا إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ الْحَسَنُ بن زيد ودل عَلَيْهِمَا، ثُمَّ كَذَلِكَ. وَانْتَصَبَ أَلْبًا عَلَيْهِمَا عِنْدَ المنصور. والعجب منه أَنَّهُ مِنْ أَتْبَاعِهِمَا. وَاجْتَهَدَ الْمَنْصُورُ بِكُلِّ طَرِيقٍ على تحصيلهما فلم يتفق له ذلك، وإلى الْآنِ. فَلَمَّا سَأَلَ أَبَاهُمَا عَنْهُمَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ صَارَا مِنْ أَرْضِ اللَّهِ، ثُمَّ أَلَحَّ الْمَنْصُورُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فِي طَلَبِ وَلَدَيْهِ فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَا تَحْتَ قَدَمَيَّ مَا دَلَلْتُكَ عَلَيْهِمَا. فَغَضِبَ الْمَنْصُورُ وَأَمَرَ بِسَجْنِهِ وَأَمَرَ ببيع رقيقه وأمواله، فلبث فِي السِّجْنِ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَأَشَارُوا عَلَى الْمَنْصُورِ بِحَبْسِ بَنِي حَسَنٍ عَنْ آخِرِهِمْ فَحَبَسَهُمْ، وَجَدَّ في طلب إبراهيم ومحمد جدا، وهذا وَهُمَا يَحْضُرَانِ الْحَجَّ فِي غَالِبِ السِّنِينَ وَيَكْمُنَانِ فِي الْمَدِينَةِ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ، وَلَا يَشْعُرُ بهما من يتمّ عَلَيْهِمَا وللَّه الْحَمْدُ. وَالْمَنْصُورُ يَعْزِلُ نَائِبًا عَنِ الْمَدِينَةِ وَيُوَلِّي عَلَيْهَا غَيْرَهُ وَيُحَرِّضُهُ عَلَى إِمْسَاكِهِمَا وَالْفَحْصِ عَنْهُمَا، وَبِذْلِ الْأَمْوَالِ فِي طَلَبِهِمَا، وَتُعْجِزُهُ المقادير عنهما لما يريد اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَدْ وَاطَأَهُمَا عَلَى أَمْرِهِمَا أَمِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْمَنْصُورِ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْعَسَاكِرِ خَالِدُ بْنُ حَسَّانَ، فَعَزَمُوا فِي بَعْضِ الحجات على الفتك بالمنصور بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَنَهَاهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحسن لِشَرَفِ الْبُقْعَةِ.
وَقَدِ اطَّلَعَ الْمَنْصُورُ عَلَى ذَلِكَ وَعَلِمَ بِمَا مَالَأَهُمَا ذَلِكَ الْأَمِيرُ، فَعَذَّبَهُ حَتَّى أَقَرَّ بِمَا كَانُوا تَمَالَئُوا عَلَيْهِ مِنَ الْفَتْكِ بِهِ. فَقَالَ: وَمَا الَّذِي صَرَفَكُمْ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِهِ الْخَلِيفَةُ فَغُيِّبَ فِي الْأَرْضِ فَلَمْ يَظْهَرْ حَتَّى الْآنَ. وَقَدِ اسْتَشَارَ الْمَنْصُورُ مَنْ يَعْلَمُ مِنْ أُمَرَائِهِ وَوُزَرَائِهِ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ فِي أَمْرِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسن، وبعث الجواسيس والقصاد في البلاد فَلَمْ يَقَعْ لَهُمَا عَلَى خَبَرٍ، وَلَا ظَهَرَ لَهُمَا عَلَى عَيْنٍ وَلَا أَثَرٍ، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ. وَقَدْ جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ يَا أمه! إني قد شفقت عَلَى أَبِي وَعُمُومَتِي، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَضَعَ يدي في يد هؤلاء لأريح أهلي. فذهبت أمه إِلَى السِّجْنِ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِمْ مَا قَالَ ابْنُهَا، فقالوا: لا ولا كرامة، بَلْ نَصْبِرُ عَلَى أَمْرِهِ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى يَدَيْهِ خَيْرًا، وَنَحْنُ نَصْبِرُ وَفَرَجُنَا بيد الله إن شاء فرج عنا، وإن شاء ضيق. وتمالئوا كلهم على ذلك رحمهم الله.
وفيها نقل آل حسن من حبس الْمَدِينَةِ إِلَى حَبْسٍ بِالْعِرَاقِ وَفِي أَرْجُلِهِمُ الْقُيُودُ، وَفِي أَعْنَاقِهِمُ الْأَغْلَالُ. وَكَانَ ابْتِدَاءُ تَقْيِيدِهِمْ مِنَ الرَّبَذَة بِأَمْرِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، وَقَدْ أَشْخَصَ مَعَهُمْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْعُثْمَانِيَّ، وَكَانَ أَخَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ لِأُمِّهِ، وَكَانَتِ ابنته تحت إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وقد حملت قريبا، فاستحضره الخليفة وقال: قَدْ حَلَفْتَ بِالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ إِنَّكَ لَمْ تَغُشَّنِي، وَهَذِهِ ابْنَتُكَ حَامِلٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ زَوْجِهَا فقد حبلت منه وأنت تعلم به، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَأَنْتَ دَيُّوثٌ. فَأَجَابَهُ الْعُثْمَانِيُّ بِجَوَابٍ أَحْفَظَهُ بِهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُرِّدَتْ عنه ثيابه فإذا جسمه مثل الفضة النقية، ثم

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست