responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 144
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ قُلْتُ لِأَحْمَدَ: هَذِهِ مَوْعِظَةُ عَلِيٍّ لَكَ فَعِظْنِي. فَقَالَ: يَا أَخِي عَلَيْكَ بلزوم الطاعة وإياك أن تفارق بَابَ الْقَنَاعَةِ، وَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ، وَلَا تُؤْثِرْ هَوَاكَ، وَلَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ، وَاشْتَغِلْ بِمَا يَعْنِيكَ بِتَرْكِ مَا لَا يَعْنِيكَ. ثُمَّ أَنْشَدَنِي: -
نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي نَدَامَةً ... وَمَنْ يَتْبَعْ مَا تَشْتَهِي النَّفْسُ يَنْدَمِ
فَخَافُوا لِكَيْمَا تَأْمَنُوا بَعْدَ مَوْتِكُمْ ... سَتَلْقَوْنَ رَبًّا عَادِلًا لَيْسَ يَظْلِمْ
فَلَيْسَ لِمَغْرُورٍ بِدُنْيَاهُ زَاجِرٌ ... سَيَنْدَمُ إِنْ زَلَّتْ به النعل فاعلموا
قال ابن زامين فَقُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ: هَذِهِ مَوْعِظَةُ أَحْمَدَ لَكَ فَعِظْنِي أَنْتَ. فَقَالَ: اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْزِلُ الْعَبِيدَ حَيْثُ نَزَلَتْ قلوبهم بهمومها، فانظر أين ينزل قلبك، واعلم أن الله سبحانه يقرب من القلوب على حسب ما تقرب منه، وتقرب منه عَلَى حَسَبِ مَا قَرُبَ إِلَيْهَا. فَانْظُرْ مَنِ الْقَرِيبُ مِنْ قَلْبِكَ. وَأَنْشَدَنِي.
قُلُوبُ رِجَالٍ فِي الحجاب نزول ... وأرواحهم فيما هناك حلول
تروح نَعِيمِ الْأُنْسِ فِي عِزِّ قُرْبِهِ ... بِإِفْرَادِ تَوْحِيدِ الجليل تَحُولُ
لَهُمْ بِفِنَاءِ الْقُرْبِ مِنْ مَحْضِ بِرِّهِ ... عوائد بذل خطبهن جليل
قال الخطيب: فقلت لابن زامين: هذه موعظة الحميدي لك فعظني أنت. فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَثِقْ بِهِ وَلَا تَتَّهِمْهُ فَإِنَّ اخْتِيَارَهُ لَكَ خَيْرٌ مِنَ اخْتِيَارِكَ لِنَفْسِكَ وأنشدنى:
اتخذ الله صاحبا ... ودع الناس جانبا
جرب الناس كيف شئت ... تَجِدْهُمُ عَقَارِبًا
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ غَيْثٌ الصُّورِيُّ: فقلت للخطيب: هذه موعظة ابن زامين لَكَ فَعِظْنِي أَنْتَ.
فَقَالَ: احْذَرْ نَفْسَكَ الَّتِي هِيَ أَعْدَى أَعْدَائِكَ أَنْ تُتَابِعَهَا عَلَى هَوَاهَا، فذاك أعضل دائك، واستشرف الخوف من الله تعالى بِخِلَافِهَا، وَكَرِّرْ عَلَى قَلْبِكَ ذِكْرَ نُعُوتِهَا وَأَوْصَافِهَا، فَإِنَّهَا الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ، وَالْمُورِدَةُ مَنْ أَطَاعَهَا مَوَارِدَ الْعَطَبِ وَالْبَلَاءِ، وَاعْمِدْ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ إِلَى تَحَرِّي الصِّدْقِ، وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ لِمَنْ خالف هواه أن يجعل جنة الْخُلْدِ قَرَارَهُ وَمَأْوَاهُ ثُمَّ أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ:
إِنْ كُنْتَ تَبْغِي الرَّشَادَ مَحْضًا ... فِي أَمْرِ دُنْيَاكَ وَالْمَعَادِ
فَخَالِفِ النَّفْسَ فِي هَوَاهَا ... إِنَّ الْهَوَى جامع الفساد
قال ابْنُ عَسَاكِرَ: الْمَحْفُوظُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إحدى وستين وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ. وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ ابْنُ عساكر والله أعلم. وذكروا أنه توفى في جزيرة من

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست