responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 123
وهبكم فِيهِ مِنْ فَضْلِهِ مَا أَعْلَمَكُمْ بِهِ فِي كِتَابِهِ، إِذْ يَقُولُ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً 5: 3. أَنْ يُوَفِّقَنِي لِلصَّوَابِ وَيُسَدِّدَنِي لِلرَّشَادِ وَيُلْهِمَنِي الرَّأْفَةَ بكم والإحسان إليكم ويفتحنى لاعطياتكم وَقَسْمِ أَرْزَاقِكُمْ بِالْعَدْلِ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَقَدْ خَطَبَ يَوْمًا فَاعْتَرَضَهُ رَجُلٌ وَهُوَ يُثْنِي عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اذْكُرْ مَنْ أَنْتَ ذَاكِرُهُ، وَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا تَأْتِيهِ وَتَذَرُهُ. فَسَكَتَ الْمَنْصُورُ حَتَّى انْتَهَى كَلَامُ الرَّجُلِ فَقَالَ: أَعُوذُ باللَّه أَنْ أَكُونَ من قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ الله أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ 2: 206 أَوْ أَنْ أَكُونَ جَبَّارًا عَصِيًّا، أَيُّهَا النَّاسُ! إن الموعظة علينا نزلت ومن عندنا نبتت. ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَظُنُّكَ فِي مَقَالَتِكَ هَذِهِ تُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يقال عنك وَعَظَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا فَتَفْعَلُوا كَفِعْلِهِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَاحْتُفِظَ بِهِ وَعَادَ إِلَى خُطْبَتِهِ فَأَكْمَلَهَا، ثُمَّ قَالَ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ: اعْرِضْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَإِنْ قَبِلَهَا فَأَعْلِمْنِي، وَإِنْ رَدَّهَا فَأَعْلِمْنِي، فَمَا زَالَ بِهِ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ حَتَّى أَخَذَ المال ومال إلى الدنيا فولاه الْحِسْبَةَ وَالْمَظَالِمَ وَأَدْخَلَهُ عَلَى الْخَلِيفَةِ فِي بِزَّةٍ حسنة، وثياب وشارة وهيئة دنيوية، فقال له الخليفة: ويحك! لو كنت محقا مريدا وجه الله بما قلت على رءوس الناس لَمَا قَبِلْتَ شَيْئًا مِمَّا أَرَى، وَلَكِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ عَنْكَ إِنَّكَ وَعَظْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَخَرَجْتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَقَدْ قَالَ الْمَنْصُورُ لِابْنِهِ الْمَهْدِيِّ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا التَّقْوَى، وَالسُّلْطَانَ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الطَّاعَةُ. وَالرَّعِيَّةَ لَا يُصْلِحُهَا إِلَّا الْعَدْلُ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ، وَأَنْقَصُ النَّاسِ عَقْلًا مَنْ ظَلَمَ مَنْ هُوَ دُونَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: يَا بُنَيَّ اسْتَدِمِ النِّعْمَةَ بِالشُّكْرِ، وَالْقُدْرَةَ بِالْعَفْوِ، وَالطَّاعَةَ بِالتَّأْلِيفِ، وَالنَّصْرَ بِالتَّوَاضُعِ وَالرَّحْمَةِ لِلنَّاسِ، وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَنَصِيبَكَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ.
وَحَضَرَ عِنْدَهُ مُبَارَكُ بْنُ فضالة يوما وقد أمر برجل أن يضرب عُنُقُهُ وَأَحْضَرَ النِّطْعَ وَالسَّيْفَ، فَقَالَ لَهُ مُبَارَكٌ: سمعت الحسين يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ ليقم من كان أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلَا يَقُومُ إِلَّا مَنْ عَفَا» فَأَمَرَ بِالْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ. ثُمَّ أخذ يعدد على جلسائه عظيم جرائم ذلك الرجل وما صَنَعَهُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أُتِيَ الْمَنْصُورُ بِرَجُلٍ لِيُعَاقِبَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الِانْتِقَامُ عَدْلٌ وَالْعَفْوُ فضل، وتعوذ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ باللَّه أَنْ يَرْضَى لِنَفْسِهِ بِأَوْكَسِ النصيبين، وأدنى القسمين، دون أرفع الدرجتين. قال فعفا عنه.
وقال الْأَصْمَعِيُّ: قَالَ الْمَنْصُورُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: احمد الله يا أعرابى الّذي دفع عَنْكُمُ الطَّاعُونَ بِوِلَايَتِنَا. فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ عَلَيْنَا حَشَفًا وَسُوءَ كَيْلٍ، وِلَايَتَكُمْ وَالطَّاعُونَ. وَالْحِكَايَاتُ فِي ذِكْرِ حِلْمِهِ وَعَفْوِهِ كَثِيرَةٌ جِدًّا. [وَدَخَلَ بَعْضُ الزُّهَّادِ عَلَى الْمَنْصُورِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا فَاشْتَرِ نَفْسَكَ بِبَعْضِهَا، وَاذْكُرْ لَيْلَةً تَبِيتُ فِي الْقَبْرِ لَمْ تَبِتْ قَبْلَهَا لَيْلَةً، وَاذْكُرْ لَيْلَةً تَمَخَّضُ عَنْ]

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست