responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 148
الَّذِي ادَّعَى لِنَفْسِهِ الرُّبُوبِيَّةِ فَأَبْطَلَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَلِيلَهُ وَبَيَّنَ كَثْرَةَ جَهْلِهِ وَقِلَّةَ عَقْلِهِ وَأَلْجَمَهُ الْحُجَّةَ وَأَوْضَحَ لَهُ طَرِيقَ الْمَحَجَّةِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ النَّسَبِ وَالْأَخْبَارِ وَهَذَا الملك هو ملك بابل واسمه النمرود ابن كَنْعَانَ بْنِ كُوشِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ نُمْرُودُ بْنُ فَالِحِ بن عابر بن صالح بن أرفخشذ ابن سَامِ بْنِ نُوحٍ قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ وَكَانَ أَحَدَ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَدْ مَلَكَ الدُّنْيَا فِيمَا ذَكَرُوا أَرْبَعَةٌ مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ. فَالْمُؤْمِنَانِ ذُو القرنين وسليمان. والكافران النمرود وبخت نصّر وذكروا أن نمرود هَذَا اسْتَمَرَّ فِي مُلْكِهِ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَكَانَ قَدْ طَغَا وَبَغَا وَتَجَبَّرَ وَعَتَا وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَلَمَّا دَعَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ حَمَلَهُ الْجَهْلُ والضلال وطول الآمال عَلَى إِنْكَارِ الصَّانِعِ فَحَاجَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ فِي ذلك وادعى لنفسه الربوبية. فلما قال الْخَلِيلُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ 2: 258 قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا أُتِيَ بِالرَّجُلَيْنِ قَدْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُمَا فَإِذَا أَمَرَ بِقَتْلِ أَحَدِهِمَا وَعَفَا عَنِ الْآخَرِ فَكَأَنَّهُ قَدْ أَحْيَا هَذَا وَأَمَاتَ الْآخَرَ. وَهَذَا لَيْسَ بِمُعَارَضَةٍ لِلْخَلِيلِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ خَارِجِيٌّ عَنْ مَقَامِ الْمُنَاظَرَةِ لَيْسَ بِمَنْعٍ وَلَا بِمُعَارَضَةٍ بَلْ هُوَ تَشْغِيبٌ مَحْضٌ وَهُوَ انْقِطَاعٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ الْخَلِيلَ اسْتَدَلَّ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ بحدوث هذه المشاهدات من إحياء الحيونات وَمَوْتِهَا عَلَى وُجُودِ فَاعِلِ ذَلِكَ الَّذِي لَا بد من استنادها الى وجوده ضرورة عدم قِيَامِهَا بِنَفْسِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ فَاعِلٍ لِهَذِهِ الْحَوَادِثِ الْمُشَاهَدَةِ مِنْ خَلْقِهَا وَتَسْخِيرِهَا وَتَسْيِيرِ هَذِهِ الكواكب والرياح والسحاب والمطر وخلق هذه الحيونات الَّتِي تُوجَدُ مُشَاهَدَةً ثُمَّ إِمَاتَتِهَا وَلِهَذَا (قَالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) 2: 258 فَقَوْلُ هَذَا الْمَلِكِ الْجَاهِلِ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ 2: 258 إِنْ عَنَى أَنَّهُ الْفَاعِلُ لِهَذِهِ الْمُشَاهَدَاتِ فَقَدْ كَابَرَ وَعَانَدَ وَإِنْ عَنَى مَا ذَكَرَهُ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِكَلَامِ الْخَلِيلِ إِذْ لَمْ يَمْنَعْ مُقَدِّمَةً وَلَا عَارَضَ الدَّلِيلَ وَلَمَّا كَانَ انْقِطَاعُ مُنَاظَرَةِ هَذَا الْمَلِكِ قَدْ تَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ حَضَرَهُ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَ دَلِيلًا آخَرَ بَيَّنَ وُجُودَ الصَّانِعِ وَبُطْلَانَ مَا ادَّعَاهُ النُّمْرُودُ وَانْقِطَاعَهُ جَهْرَةً (قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ من الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها من الْمَغْرِبِ) 2: 258 أَيْ هَذِهِ الشَّمْسُ مُسَخَّرَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ مِنَ الْمَشْرِقِ كَمَا سَخَّرَهَا خَالِقُهَا وَمُسَيِّرُهَا وَقَاهِرُهَا. وَهُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَإِنْ كُنْتَ كَمَا زَعَمْتَ مِنْ أَنَّكَ الَّذِي تُحْيِي وَتُمِيتُ فَأْتِ بِهَذِهِ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَلَا يُمَانَعُ وَلَا يُغَالَبُ بَلْ قَدْ قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ وَدَانَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ فَإِنْ كُنْتَ كَمَا تَزْعُمُ فَافْعَلْ هَذَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْهُ فَلَسْتَ كَمَا زَعَمْتَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ وَكُلُّ أَحَدٍ أَنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا بَلْ أَنْتَ أَعْجَزُ وَأَقَلُّ مِنْ أَنْ تَخْلُقَ بَعُوضَةً أو تنصر مِنْهَا فَبَيَّنَ ضَلَالَهُ وَجَهْلَهُ وَكَذِبَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ وَبُطْلَانَ مَا سَلَكَهُ وَتَبَجَّحَ بِهِ عِنْدَ جَهَلَةِ قَوْمِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ كَلَامٌ يُجِيبُ الْخَلِيلَ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط الفكر نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست