responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 294
فأطلقه، وكان لَا يَنْسَاهَا بَعْدُ لِابْنِ الْأَشْتَرِ.
ثُمَّ تَقَدَّمَ الْمُخْتَارُ بِجَيْشِهِ إِلَى الْكُنَاسَةِ وَحَصَرُوا ابْنَ مُطِيعٍ بِقَصْرِهِ ثَلَاثًا، وَمَعَهُ أَشْرَافُ النَّاسِ سِوَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ فَإِنَّهُ لَزِمَ دَارَهُ، فَلَمَّا ضَاقَ الْحَالُ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ وَأَصْحَابِهِ اسْتَشَارَهُمْ فَأَشَارَ عَلَيْهِ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ وَلَهُمْ مِنَ الْمُخْتَارِ أَمَانًا، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ هَذَا [1] وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُطَاعٌ بِالْحِجَازِ وَبِالْبَصْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَذْهَبَ بِنَفْسِكَ مُخْتَفِيًا حَتَّى تَلْحَقَ بِصَاحِبِكَ فَتُخْبِرَهُ بِمَا كَانَ مِنَ الْأَمْرِ وَبِمَا كَانَ مِنَّا فِي نَصْرِهِ وإقامته دَوْلَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ مُخْتَفِيًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فلمَّا أصبح النَّاس أخذ الأمراء إليهم أماناً من ابن الأشتر فأمنهم، فخرجوا من القصر وجاؤوا إلى المختار فبايعوه، ثم دخل المختار إلى الْقَصْرَ فَبَاتَ فِيهِ، وَأَصْبَحَ أَشْرَافُ النَّاس فِي الْمَسْجِدِ وَعَلَى بَابِ الْقَصْرِ، فَخَرَجَ الْمُخْتَارُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَخَطَبَ النَّاسَ خُطْبَةً بَلِيغَةً ثمَّ دَعَا النَّاس إِلَى الْبَيْعَةِ وَقَالَ: فَوَالَّذِي جَعَلَ السَّمَاءَ سَقْفًا مَكْفُوفًا وَالْأَرْضَ فِجَاجًا سُبُلًا، مَا بَايَعْتُمْ بَعْدَ بَيْعَةِ عَلِيٍّ أَهْدَى مِنْهَا.
ثم نزل فدخل النَّاسُ يُبَايِعُونَهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسنَّة رَسُولِهِ، والطلب بثأر أهل الْبَيْتِ [2] وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ مُطِيعٍ فِي دَارِ أَبِي مُوسَى، فَأَرَاهُ أنه لا يسمع قوله، فكرر ذلك ثلاثاً فَسَكَتَ الرَّجُلُ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ بَعْثَ الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ [3] .
وَقَالَ له: اذهب فقد أخذت بِمَكَانِكَ - وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا قَبْلَ ذَلِكَ - فَذَهَبَ ابْنُ مُطِيعٍ إِلَى الْبَصْرَةِ وَكْرِهَ أَنْ يَرْجِعَ إلى ابن الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَغْلُوبٌ، وَشَرَعَ الْمُخْتَارُ يَتَحَبَّبُ إِلَى النَّاسِ بِحُسْنِ السِّيرَةِ، وَوَجَدَ فِي بَيْتِ الْمَالِ تسعة
آلاف ألف، فأعطى الجيش الذي حَضَرُوا مَعَهُ الْقِتَالَ نَفَقَاتٍ كَثِيرَةً، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى شرطته عبد الله بن كامل اليشكري [4] ، وَقَرَّبَ أَشْرَافَ النَّاسِ فَكَانُوا جُلَسَاءَهُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَوَالِي الَّذِينَ قَامُوا بِنَصْرِهِ، وَقَالُوا: لِأَبِي عمرة كيسان مولى غزينة - وَكَانَ عَلَى حَرَسِهِ - قَدَّمَ وَاللَّهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْعَرَبَ وَتَرَكَنَا، فَأَنْهَى ذَلِكَ أَبُو عَمْرَةَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: بَلْ هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: * (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) * [السجدة: 22] فَقَالَ لهم أبو عمرة: أبشروا فإنه سيدنيكم ويقربك.
فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ وَسَكَتُوا.
ثُمَّ إِنَّ الْمُخْتَارَ بَعَثَ الأمراء إلى النواحي والبلدان وَالرَّسَاتِيقِ، مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ، وَعَقَدَ الْأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ، وَقَرَّرَ الْإِمَارَةَ وَالْوِلَايَاتِ [5] ، وَجَعَلَ يَجْلِسُ لِلنَّاسِ غدوة وعشية يحكم

[1] في الاخبار الطوال ص 292: سأل ابن مطيع الامامة لنفسه فأجابه المختار إلى ذلك، فأمنه.
[2] زيد في الطبري 7 / 108 والكامل 4 / 226: وجهاد المحلين والدفع عن الضعفاء وقتال من قاتلنا وسلم من سالمنا والوفاء ببيعتكم لا نقيلكم ولا نستقبلكم.
(وانظر الفتوح لابن الاعثم 6 / 113 - 114) .
[3] في ابن الاعثم: عشرة آلاف درهم.
[4] في الطبري والكامل: الشاكري.
[5] في الطبري: 7 / 109: أول رجل عقد له المختار راية عبد الله بن الحارث أخو الاشتر على أرمينية وبعث محمد بن عمير بن عطارد على آذربيجان وبعث عبد الرحمن بن سعيد بن قيس على الموصل، وبعث اسحاق بن مسعود على = (*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 294
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست