responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 61
يُقَالُ لَهُ شَنَسُ وَعَسْكَرٌ مَعَهُ كَثِيفٌ، فَنَازَلَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فَاشْتَغَلُوا بِهِ عَنْ تُوذَرَا فَسَارَ توذرا نحو دمشق لينازلها وينتزعها من يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَتْبَعُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَبَرَزَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ دِمَشْقَ، فَاقْتَتَلُوا وَجَاءَ خَالِدٌ وَهُمْ فِي المعركة فجعل يقتلهم من ورائهم ويزيد يفصل فِيهِمْ مِنْ أَمَامِهِمْ، حَتَّى أَنَامُوهُمْ وَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الشَّارِدُ، وَقَتَلَ خَالِدٌ تُوذَرَا وَأَخَذُوا مِنَ الرُّومِ أَمْوَالًا عَظِيمَةً فَاقْتَسَمَاهَا وَرَجَعَ يَزِيدُ إِلَى دِمَشْقَ وَانْصَرَفَ خَالِدٌ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ فوجده قد واقع شنس بمرج
الروم فقاتلهم فيه مقاتلة عَظِيمَةً حَتَّى أَنْتَنَتِ الْأَرْضُ مِنْ زَهَمِهِمْ، وَقَتَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ شَنَسَ وَرَكِبُوا أَكْتَافَهُمْ إِلَى حِمْصَ فَنَزَلَ عَلَيْهَا يُحَاصِرُهَا.
وَقْعَةُ حِمْصَ الْأُولَى لَمَّا وَصَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي اتِّبَاعِهِ الرُّومَ الْمُنْهَزِمِينَ إِلَى حِمْصَ، نَزَلَ حَوْلَهَا يُحَاصِرُهَا، وَلَحِقَهُ خَالِدُ ابن الْوَلِيدِ فَحَاصَرُوهَا حِصَارًا شَدِيدًا، وَذَلِكَ فِي زَمَنِ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ، وَصَابَرَ أَهْلُ الْبَلَدِ رَجَاءَ أَنْ يَصْرِفَهُمْ عَنْهُمْ شِدَّةُ الْبَرْدِ، وَصَبَرَ الصَّحَابَةُ صَبْرًا عَظِيمًا بِحَيْثُ إِنَّهُ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ مِنَ الرُّومِ مَنْ كَانَ يَرْجِعُ، وَقَدْ سَقَطَتْ رِجْلُهُ وَهِيَ فِي الْخُفِّ، وَالصَّحَابَةُ لَيْسَ فِي أرجلهم شئ سِوَى النِّعَالِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يُصَبْ مِنْهُمْ قَدَمٌ وَلَا أُصْبُعٌ أَيْضًا، وَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى انْسَلَخَ فَصْلُ الشِّتَاءِ فَاشْتَدَّ الْحِصَارُ [1] ، وَأَشَارَ بَعْضُ كِبَارِ أَهْلِ حِمْصَ عَلَيْهِمْ بِالْمُصَالَحَةِ فَأَبَوْا عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالُوا: أَنُصَالِحُ وَالْمَلِكُ مِنَّا قَرِيبٌ؟ فَيُقَالُ إِنَّ الصَّحَابَةَ كَبَّرُوا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ تَكْبِيرَةً ارْتَجَّتْ مِنْهَا الْمَدِينَةُ حَتَّى تَفَطَّرَتْ مِنْهَا بَعْضُ الْجُدْرَانِ، ثُمَّ تَكْبِيرَةً أُخْرَى فَسَقَطَتْ بَعْضُ الدُّورِ، فَجَاءَتْ عَامَّتُهُمْ إِلَى خَاصَّتِهِمْ فَقَالُوا: أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى مَا نَزَلْ بِنَا، وَمَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تُصَالِحُونَ الْقَوْمَ عَنَّا؟ قَالَ: فَصَالَحُوهُمْ عَلَى مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ أَهْلَ دِمَشْقَ، عَلَى نِصْفِ الْمَنَازِلِ، وَضَرْبِ الْخَرَاجِ عَلَى الْأَرَاضِي، وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ عَلَى الرِّقَابِ بِحَسَبِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ.
وَبَعَثَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِالْأَخْمَاسِ وَالْبِشَارَةِ إِلَى عُمَرَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
وَأَنْزَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِحِمْصَ جَيْشًا كَثِيفًا يَكُونُ بِهَا مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ، مِنْهُمْ بِلَالٌ وَالْمِقْدَادُ وَكَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ يُخْبِرُهُ بِأَنَّ هِرَقْلَ قَدْ قَطَعَ الْمَاءَ إِلَى الْجَزِيرَةِ [2] وَأَنَّهُ يَظْهَرُ تَارَةً وَيَخْفَى أُخْرَى.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ يَأْمُرُهُ بِالْمُقَامِ ببلده.

[1] في فتوح البلدان أن أهل حمص قاتلوا ثم لجأوا إلى المدينة وطلبوا الامان والصلح، فتم على مئة ألف وسبعين ألف دينار 1 / 155.
وقال الواقدي في فتوح الشام ان حمص جرى تسليمها إلى أبي عبيدة بعد قتال عنيف، وأصبحت المدينة تحت ذمامه وأمانه - يعني أبا عبيدة 1 / 144.
وهذا ما ذهب إليه ابن الاعثم في الفتوح: اقتتلوا يوما قتالا شديدا ولما كان الغد سألوا أبا عبيدة الصلح 1 / 216.
[2] لم يشر ابن الاعثم في كتاب أبي عبيدة إلى أمر هرقل، انظر نص الكتاب في الفتوح 1 / 216 والعبارة في الطبري:
إلى الجزيرة وهو بالرهاء ينغمس حينا ويطلع أحيانا، فبعث إلى عمر: أن أقم في مدينتك وادع أهل القوة والجلد من عرب الشام فإني غير تارك البعثة إليك بمن يكانفك إن شاء الله.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست