responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 34
نُعْبُرَ إِلَيْكُمْ.
فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ لِأَمِيرِهِمْ أَبِي عُبَيْدٍ أأمرهم فَلْيَعْبُرُوا هُمْ إِلَيْنَا.
فَقَالَ مَا هُمْ بِأَجْرَأَ عَلَى
الْمَوْتِ مِنَّا ثُمَّ اقْتَحَمَ إِلَيْهِمْ فَاجْتَمَعُوا في مكان ضيق هُنَالِكَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ وَالْمُسْلِمُونَ فِي نَحْوٍ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ، وَقَدْ جَاءَتِ الْفُرْسُ مَعَهُمْ بِأَفْيِلَةٍ كَثِيرَةٍ عَلَيْهَا الْجَلَاجِلُ، قَائِمَةً لِتَذْعَرَ خُيُولَ الْمُسْلِمِينَ فَجَعَلُوا كُلَّمَا حَمَلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَرَّتْ خُيُولُهُمْ مِنَ الْفِيَلَةِ وَمِمَّا تَسْمَعُ مِنَ الْجَلَاجِلِ الَّتِي عَلَيْهَا وَلَا يَثْبُتُ مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيلُ عَلَى قَسْرٍ.
وَإِذَا حَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ لَا تُقْدِمُ خُيُولُهُمْ عَلَى الْفِيَلَةِ وَرَشَقَتْهُمُ الْفُرْسُ بِالنَّبْلِ، فَنَالُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا وَقَتَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ مَعَ ذَلِكَ سِتَّةَ آلَافٍ.
وَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْتُلُوا الْفِيَلَةَ أَوَّلًا، فَاحْتَوَشُوهَا فَقَتَلُوهَا عَنْ آخِرِهَا، وَقَدْ قَدَّمَتِ الْفُرْسُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فِيلًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، فَتَقَدَّمَ إليه أبو عبيد فضربه بالسيف فقطع ذلومه فحمى الفيل، وصاح صيحة هائلة وحمل فتخبطه برجليه فَقَتَلَهُ وَوَقَفَ فَوْقَهُ فَحَمَلَ عَلَى الْفِيلِ خَلِيفَةُ أَبِي عُبَيْدٍ الَّذِي كَانَ أَوْصَى أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا بَعْدَهُ فَقُتِلَ، ثُمَّ آخَرُ ثُمَّ آخَرُ حَتَّى قُتِلَ سَبْعَةٌ [1] مِنْ ثَقِيفٍ كَانَ قَدْ نَصَّ أَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهِمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى الْمُثَنَّى بْنِ حَارِثَةَ بِمُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ أَيْضًا.
وَقَدْ كَانَتْ دَوْمَةُ امْرَأَةُ أَبِي عُبَيْدٍ رَأَتْ مَنَامًا يَدُلُّ عَلَى مَا وَقَعَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
فَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ وَهَنُوا عِنْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ إِلَّا الظَّفَرُ بالفرس، وضعف أمرهم، وذهب ريحهم، وولوا مدبرين، وساقت الفرس خلفهم فقتلوا بَشَرًا كَثِيرًا وَانْكَشَفَ النَّاسُ فَكَانَ أَمْرًا بَلِيغًا وجاؤا إِلَى الْجِسْرِ فَمَرَّ بَعْضُ النَّاسِ.
ثُمَّ انْكَسَرَ الْجِسْرُ فَتَحَكَّمَ فِيمَنْ وَرَاءَهُ الْفُرْسُ فَقَتَلُوا مِنَ المسلمين وغرق في الفرات نحواً مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافٍ.
فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَسَارَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ فَوَقَفَ عِنْدَ الجسر الذي جاؤا مِنْهُ، وَكَانَ النَّاسُ لَمَّا انْهَزَمُوا جَعَلَ بَعْضُهُمْ يُلْقِي بِنَفْسِهِ فِي الْفُرَاتِ فَيَغْرَقُ، فَنَادَى الْمُثَنَّى.
أَيُّهَا النَّاسُ عليَّ هِينَتِكُمْ فَإِنِّي وَاقِفٌ عَلَى فَمِ الْجِسْرِ لَا أَجُوزُهُ حَتَّى لَا يَبْقَى منكم أحد ههنا، فَلَمَّا عَدَّى النَّاسُ إِلَى النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى سَارَ الْمُثَنَّى فَنَزَلَ بِهِمْ أَوَّلَ مَنْزِلٍ، وَقَامَ يَحْرُسُهُمْ هُوَ وَشُجْعَانُ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ جُرِحَ أَكْثَرُهُمْ وَأُثْخِنُوا.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ فِي الْبَرِّيَّةِ لَا يُدري أَيْنَ ذَهَبَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ مَذْعُورًا، وَذَهَبَ بِالْخَبَرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَجَدَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا وَرَاءَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ؟ [2] فَقَالَ: أَتَاكَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ صَعِدَ إِلَيْهِ الْمِنْبَرُ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ سِرًّا، وَيُقَالُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ
بِخَبَرِ النَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْحُصَيْنِ الحطمي [3] .
فالله أعلم.

[1] ذكر في فتوح البلدان أنه بعد مقتل أبي عبيد، أخذ اللواء أخوه فقتل، فاخذه ابنه جبر فقتل ثم أخذه المثنى ساعة، 2 / 308 وفي فتوح ابن الاعثم 1 / 169: قال أبو عبيد إن قتلت فأميركم ابني وهب فإن قتل فابني مالك فأن قتل فابني جبر، فإن اصيب فسليط بن مالك فأن اصيب فأبو محجن فإن اصيب فالمثنى بن حارثة.
[2] في فتوح البلدان: عروة بن زيد.
وفي الطبري والكامل فكالاصل.
[3] كذا في رواية ابن اسحاق وكان الخطمي من الذين تفرقوا ولحقوا بالمدينة، أما عبد الله بن زيد فقد أرسله المثنى بن حارثة بعد الوقعة بالخبر إلى عمر بن الخطاب.
وفي ابن الاعشم: معاذ بن حصين الانصاري 1 / 170 (*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست