responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 283
الله في حقكم أن تضيعوه، وفي دمكم أن تُطِلُّوهُ، وَكَتَبَ إِلَى أَجْنَادِ الشَّامِ فَحَضَرُوا، وَعُقِدَتِ الْأَلْوِيَةُ وَالرَّايَاتُ لِلْأُمَرَاءِ، وَتَهَيَّأَ أَهْلُ الشَّامِ وَتَأَهَّبُوا، وَخَرَجُوا أَيْضًا إِلَى نَحْوِ الْفُرَاتِ مِنْ نَاحِيَةِ صفين - حيث يكون مقدم عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسَارَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَنْ مَعَهُ من الجنود مِنَ النُّخَيْلَةِ قَاصِدًا أَرْضَ الشَّامِ.
قَالَ أَبُو إسرائيل عن الحكم بن عيينة: وكان في جيشه ثَمَانُونَ بَدْرِيًّا وَمِائَةٌ وَخَمْسُونَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجرة [1] .
رَوَاهُ ابْنُ دِيزِيلَ.
وَقَدِ اجْتَازَ فِي طَرِيقِهِ
بِرَاهِبٍ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا ذَكَرَهُ الْحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ فِي كِتَابِهِ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَرَابِيسِيِّ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْأَعْوَرُ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ: لَمَّا أَتَى عَلِيٌّ الرَّقَّةَ نَزَلَ بِمَكَانٍ يُقَالُ له البلبخ عَلَى جَانِبِ الْفُرَاتِ فَنَزَلَ إِلَيْهِ رَاهِبٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ لِعَلِيٍّ: إِنَّ عِنْدَنَا كِتَابًا تَوَارَثْنَاهُ عَنْ آبَائِنَا كَتَبَهُ أَصْحَابُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، أَعْرِضُهُ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ! فقرأ الراهب الكتاب: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الَّذِي قَضَى فِيمَا قَضَى وَسَطَّرَ فِيمَا سَطَّرَ، وَكَتَبَ فِيمَا كَتَبَ أَنَّهُ بَاعِثٌ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ وَيَدُلُّهُمْ عَلَى سَبِيلِ اللَّهِ، لَا فظٍّ وَلَا غَلِيظٌ وَلَا صَخَّابٌ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بالسَّيئة السَّيئة، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، أُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ، وَفِي كُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ، تَذِلُّ أَلْسِنَتُهُمْ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، وَيَنْصُرُهُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ مَنْ نَاوَأَهُ فَإِذَا تَوَفَّاهُ اللَّهُ اخْتَلَفَتْ أُمَّتُهُ ثُمَّ اجْتَمَعَتْ فَلَبِثَتْ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ ثُمَّ يَمُرُّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ بِشَاطِئِ هَذَا الْفُرَاتِ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَقْضِي بِالْحَقِّ وَلَا يُنَكِّسُ الْحُكْمُ، الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنَ الرَّمَادِ أَوْ قَالَ التُّرَابِ - فِي يَوْمٍ عَصَفَتْ فِيهِ الرِّيحُ - وَالْمَوْتُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ، يَخَافُ اللَّهَ فِي السِّرِّ، وَيَنْصَحُ فِي الْعَلَانِيَةِ، وَلَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ النَّبِيَّ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ فَآمَنَ بِهِ كَانَ ثَوَابُهُ رِضْوَانِي وَالْجَنَّةَ، وَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الْعَبْدَ الصَّالِحَ فَلْيَنْصُرْهُ فَإِنَّ الْقَتْلَ مَعَهُ شَهَادَةٌ " ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: فَأَنَا أُصَاحِبُكَ فَلَا أُفَارِقُكَ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا أَصَابَكَ.
فَبَكَى عَلِيٌّ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي عِنْدَهُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَكَرَنِي عِنْدَهُ فِي كُتُبِ الْأَبْرَارِ، فَمَضَى الرَّاهِبُ مَعَهُ وَأَسْلَمَ فَكَانَ مَعَ عَلِيٍّ حَتَّى أُصِيبَ يَوْمَ صِفِّينَ، فَلَمَّا خَرَجَ الناس يطلبون قتلاهم قال علي: اطلبوا الراهب، فوجدوه قتيلاً، فَلَمَّا وَجَدُوهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
وَقَدْ بَعَثَ عَلِىٌّ بَيْنَ يَدَيْهِ زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ طَلِيعَةً فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ، وَمَعَهُ شريح بن هاني، فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَسَارُوا فِي طَرِيقٍ بَيْنَ يَدَيْهِ غَيْرِ طَرِيقِهِ، وَجَاءَ عَلِيٌّ فَقَطَعَ دِجْلَةَ مِنْ جِسْرِ مَنْبِجٍ وَسَارَتِ الْمُقَدِّمَتَانِ، فَبَلَغَهُمْ أَنَّ معاوية قد ركب في أهل الشام ليلتقي أمير المؤمنين علياً فهموا بلقياه فَخَافُوا مِنْ قِلَّةِ عَدَدِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، فَعَدَلُوا عن طريقهم وجاؤوا ليعبروا من عانات [2] فمنعهم أهل

[1] في فتوح ابن الاعثم 2 / 450: مائتان وخمسون.
[2] عانات: موضع من أرياف العراق، قال الخليل: مما يلي ناحية الجزيرة تنسب إليه الخمر الجيدة (معجم ما استعجم) .
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست