responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 145
بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً) * [الْأَحْزَابِ: 25] .
وَرَجَعَ كِسْرَى خَاسِرًا الصَّفْقَةَ لَمْ يُشْفَ لَهُ غَلِيلٌ، وَلَا حَصَلَ عَلَى خَيْرٍ، وَلَا انْتَصَرَ كَمَا كَانَ فِي زَعْمِهِ، بَلْ تَخَلَّى عَنْهُ مَنْ كَانَ يَرْجُو النَّصْرَ مِنْهُ، وَتَنَحَّى عَنْهُ وَتَبَرَّأَ مِنْهُ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَيْهِ، وَبَقِيَ مُذَبْذَبًا لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ * (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سبيلا) * [النساء: 88] وَتَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ مَاذَا يَصْنَعُ؟ وَإِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ؟ وَقَدْ أَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ أُولِي النُّهَى مِنْ قَوْمِهِ حِينَ قَالَ: قَدْ عَزَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى بِلَادِ الصِّينِ أَوْ أَكُونَ مَعَ خَاقَانَ فِي بِلَادِهِ فَقَالُوا: إِنَّا نَرَى أَنْ نُصَانِعَ [1] هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَدِينًا يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَنَكُونَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْبِلَادِ وَهُمْ مُجَاوَرِينَا، فَهُمْ خَيْرٌ لَنَا مِنْ غَيْرِهِمْ.
فَأَبَى عَلَيْهِمْ كِسْرَى ذَلِكَ.
ثُمَّ بَعَثَ إِلَى مَلِكِ الصِّينِ يَسْتَغِيثُ بِهِ وَيَسْتَنْجِدُهُ فَجَعَلَ مَلِكُ الصين يسأل الرسول عَنْ صِفَةِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَدْ فَتَحُوا البلاد وقهروا رقاب العبا، فَجَعَلَ يُخْبِرُهُ عَنْ صِفَتِهِمْ، وَكَيْفَ يَرْكَبُونَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وَمَاذَا يَصْنَعُونَ؟ وَكَيْفَ يُصَلُّونَ.
فَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى يَزْدَجِرْدَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْكَ بِجَيْشٍ أَوَّلُهُ بِمَرْوَ وَآخِرُهُ بِالصِّينِ الْجَهَالَةُ بِمَا يَحِقُّ عَلَيَّ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ وَصَفَ لِي رَسُولُكَ صِفَتَهُمْ لَوْ يُحَاوِلُونَ الْجِبَالَ لَهَدُّوهَا، وَلَوْ جِئْتُ لِنَصْرِكَ أَزَالُونِي مَا دَامُوا عَلَى مَا وَصَفَ لِي رَسُولُكَ فَسَالِمْهُمْ وَارْضَ مِنْهُمْ بِالْمُسَالَمَةِ.
فَأَقَامَ كِسْرَى وَآلُ كِسْرَى فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مَقْهُورِينَ.
وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبُهُ حتَّى قُتِلَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَةِ عُثْمَانَ كَمَا سَنُورِدُهُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَلَمَّا بَعَثَ الْأَحْنَفُ بِكِتَابِ الْفَتْحِ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِ التُّرْكِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ قَتَلُوا مِنْهُمْ مَعَ ذَلِكَ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، ثُمَّ رَدَّهُمُ اللَّهُ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا.
فَقَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقُرِئَ الْكِتَابُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ
مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَوَعَدَ عَلَى اتِّبَاعِهِ مَنْ عَاجِلِ الثَّوَابِ وَآجِلِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَقَالَ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ جُنْدَهُ.
أَلَا وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مَلِكَ الْمَجُوسِيَّةِ وَفَرَّقَ شَمْلَهُمْ، فَلَيْسُوا يَمْلِكُونَ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا يضير بِمُسْلِمٍ، أَلَا وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَقُومُوا فِي أَمْرِهِ عَلَى وَجَلٍ، يُوفِ لَكُمْ بِعَهْدِهِ، ويؤتكم وعده، ولا تغيروا يستبدل قَوْمًا غَيْرَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ تُؤْتَى إِلَّا مِنْ قِبَلِكُمْ.
وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ الْحَافِظُ فِي تَارِيخِ هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ -: وَفِيهَا فُتِحَتْ أَذْرَبِيجَانُ عَلَى يَدَيِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.
قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَيُقَالُ، إِنَّهُ صَالَحَهُمْ عَلَى ثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فتحها حبيب بن سلمة الْفِهْرِيُّ بِأَهْلِ الشَّامِ عَنْوَةً، وَمَعَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِيهِمْ حُذَيْفَةُ فَافْتَتَحَهَا بَعْدَ قِتَالٍ شَدِيدٍ وَاللَّهُ أعلم.
وفيها افتتح حذيفة الدينور عنوة - بعدما كَانَ سَعْدٌ افْتَتَحَهَا فَانْتَقَضُوا عَهْدَهُمْ -.
وَفِيهَا افْتَتَحَ حذيفة ماه سندان عَنْوَةً - وَكَانُوا نَقَضُوا أَيْضًا عَهْدَ سَعْدٍ - وَكَانَ مَعَ حُذَيْفَةَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فَلَحِقَهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فاختصموا في الغنيمة، فكتب عمر: إن

[1] في الطبري: نصالح.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست