responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 259
وَهَكَذَا قَالَ اللَّيث وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عيَّاش الواقديّ والخليفة بْنُ خَيَّاطٍ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّهُ قتل يوم عاشوراء عام إحدى وستين، ووزعم بَعْضُهُمْ أنَّه قُتِلَ يَوْمَ السَّبت، والأوَّل أَصَحُّ * وَقَدْ ذَكَرُوا فِي مَقْتَلِهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَنَّهَا وَقَعَتْ مِنْ كُسُوفِ الشَّمس يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَغْيِيرُ آفَاقِ السَّماء، وَلَمْ يَنْقَلِبْ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ ذَلِكَ بِحِجَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَنَّ الْوَرْسَ اسْتَحَالَ رَمَادًا، وأنَّ اللَّحم صَارَ مِثْلَ الْعَلْقَمِ وَكَانَ فِيهِ النَّار، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي بَعْضِهَا نَكَارَةٌ، وَفِي بَعْضِهَا احْتِمَالٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ * وَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَهُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ فِي الدُّنيا وَالْآخِرَةِ، ولم يقع شئ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَكَذَلِكَ الصِّديق بَعْدَهُ، مَاتَ ولم يكن شئ مِنْ هَذَا، وَكَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُتِلَ شَهِيدًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَحُصِرَ عُثْمَانُ فِي دَارِهِ وَقُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِيدًا، وَقُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ شهيداً بعد صلاة الفجر، ولم يكن شئ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ * وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عمَّار بْنِ أَبِي عمارة عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَمِعَتِ الجنَّ تَنُوحُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ * وَهَذَا صَحِيحٌ، وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: كنَّا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ فَجَاءَهَا الْخَبَرُ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا * وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِ الْحُسَيْنِ أنَّه كَتَبَ إِلَيْهِ أهل العراق
يطلبون منه أن يقدم إليهم لِيُبَايِعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، وَكَثُرَ تَوَاتُرُ الْكُتُبِ عَلَيْهِ مِنَ العامَّة وَمِنَ ابْنِ عَمِّهِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ، فلمَّا ظَهَرَ عَلَى ذَلِكَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زياد نائب العراق ليزيد بن معاوية، فبعث إلى مسلم بن عقيل يضرب عُنُقَهُ وَرَمَاهُ مِنَ الْقَصْرِ إِلَى العامَّة، فتفرَّق مَلَؤُهُمْ وتبدَّدت كَلِمَتُهُمْ، هَذَا وَقَدْ تجهَّز الْحُسَيْنُ مِنَ الْحِجَازِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِمَا وَقَعَ، فَتَحَمَّلَ بِأَهْلِهِ وَمَنْ أَطَاعَهُ وَكَانُوا قَرِيبًا من ثلثمائة [1] ، وَقَدْ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحابة، مِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ عبَّاس، وَابْنُ عُمَرَ، فَلَمْ يُطِعْهُمْ، وَمَا أَحْسَنَ مَا نَهَاهُ ابْنُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ مَا يُرِيدُهُ فَلَمْ يَقْبَلْ، فَرَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَالِمٍ الْأَسَدِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ الشِّعبيّ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأُخْبِرَ أنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ قَدْ توجَّه إِلَى الْعِرَاقِ، فَلَحِقَهُ عَلَى مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، قال: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْعِرَاقَ وَمَعَهُ طَوَامِيرُ وَكُتُبٌ، فَقَالَ: لَا تَأْتِهِمْ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبُهُمْ وَبَيْعَتُهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الدُّنيا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ وَلَمْ يُرِدِ الدُّنيا، وإنَّكم بَضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، وَاللَّهِ لَا يَلِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ أَبَدًا، وَمَا صَرَفَهَا عَنْكُمْ إلى الذي هو خير منكم، فَارْجِعُوا، فَأَبَى وَقَالَ: هَذِهِ كُتُبُهُمْ وَبَيْعَتُهُمْ، قَالَ: فَاعْتَنَقَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ: أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ [2] ، وَقَدْ وَقَعَ مَا فَهِمَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ سَوَاءً، مِنْ أنَّه لَمْ يَلِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْخِلَافَةَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ وَيَتِمَّ لَهُ الْأَمْرُ، وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إنَّه لَا يَلِي أَحَدٌ مِنْ أهل البيت أبداً * ورواه عنهما أبو صالح الخليل بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الشَّيخ فِي كتابه الفتن والملاحم.
قلت:

[1] في فتوح ابن الاعثم: كان معه اثنان وثمانون رجلاً من شيعته وأهل بيته.
[2] رواه البيهقي في الدلائل 6 / 470 - 471.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست