responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 19
فَجَلَسْتُ إِلَى فَخِذِهَا مُضِيفًا [1] إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَيْنَ كُنْتَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ بَعَثْتُ رُسُلِي فِي طَلَبِكَ حَتَّى بَلَغُوا مَكَّةَ وَرَجَعُوا إِلَيَّ.
ثُمَّ حَدَّثْتُهَا بِالَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ أَبْشِرْ يَا ابْنَ الْعَمِّ وَاثْبُتْ فَوَالَّذِي نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنَّ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
ثُمَّ قَامَتْ فَجَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَتْ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله فَقَالَ وَرَقَةُ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ، وَالَّذِي نَفْسُ وَرَقَةَ بِيَدِهِ لَئِنْ كُنْتِ صَدَقْتِنِي يَا خَدِيجَةُ لِقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى، وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقُولِي لَهُ: فَلْيَثْبُتْ.
فَرَجَعَتْ خَدِيجَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِوَارَهُ وَانْصَرَفَ، صَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، بَدَأَ بِالْكَعْبَةِ فَطَافَ بِهَا فَلَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ مُوسَى، وَلَتُكَذَّبَنَّهْ وَلَتُؤْذَيَنَّهْ وَلَتُخْرَجَنَّهْ وَلَتُقَاتَلَنَّهْ، وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا
يَعْلَمُهُ.
ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ مِنْهُ فَقَبَّلَ يَأْفُوخَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ " [2] .
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ كَالتَّوْطِئَةِ لِمَا جَاءَ بَعْدَهُ مِنَ الْيَقَظَةِ كَمَا تقدَّم مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا الْمَنَامَ كَانَ بَعْدَ مَا رَآهُ فِي الْيَقَظَةِ صَبِيحَةَ لَيْلَتَئِذٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: وَكَانَ فِيمَا بَلَغَنَا أَوَّلَ مَا رَأَى - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم - إنَّ الله تَعَالَى أَرَاهُ رُؤْيَا فِي الْمَنَامِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَذَكَرَهَا لِامْرَأَتِهِ خَدِيجَةَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ عَنِ التَّكْذِيبِ، وَشَرَحَ صَدْرَهَا لِلتَّصْدِيقِ، فَقَالَتْ: أَبْشِرْ فَإِنَّ الله لم يَصْنَعَ بِكَ إِلَّا خَيْرًا، ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ رَأَى بَطْنَهُ شُقَّ ثُمَّ غُسِلَ وَطُهِّرَ، ثُمَّ أُعِيدَ كَمَا كَانَ، قَالَتْ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ فَأَبْشِرْ، ثُمَّ اسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَأَجْلَسَهُ عَلَى مَجْلِسٍ كَرِيمٍ مُعْجِبٍ كَانَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَجْلَسَنِي عَلَى بِسَاطٍ كَهَيْئَةِ الدُّرْنُوكِ [3] فِيهِ الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ فبشره برسالة الله عزوجل حَتَّى اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ اقْرَأْ فَقَالَ كَيْفَ أَقْرَأُ فَقَالَ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) .
قَالَ: وَيَزْعُمُ نَاسٌ أَنَّ " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " أول سورة نزلت عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ فقبَّل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِسَالَةَ رَبِّهِ وَاتَّبَعَ مَا جَاءَهُ بِهِ جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ مُنْقَلِبًا إِلَى بَيْتِهِ جَعَلَ لَا يمرُّ عَلَى شَجَرٍ وَلَا حَجَرٍ إِلَّا سلَّم عَلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا مُوقِنًا أَنَّهُ قد رأى أمرا

[1] مضيفا: أي ملتصقا، يقال أضفت إلى الرجل: إذا ملت نحوه ولصقت به.
[2] الخبر بطوله رواه ابن إسحاق في السيرة ج 1 / 250 وما بعدها.
وأخرجه البيهقي في الدلائل ج 2 / 146 وما بعدها.
وابن سعد في الطبقات 1 / 157 والذهبي في تاريخ الاسلام 2 / 71 والترمذي في المناقب 5 / 593 والدارمي في المقدمة، وأحمد في مسنده 5 / 89.
[3] الدرنوك: ستر له حمل وجمعه درانك (*) .
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست