responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 87
رَحِيمٌ.
مَا الْمَسِيحُ بن مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يؤفكون) [المائدة: 72 - 75] حكم تعالى بكفرهم شرعاً وقدراً فأخبر أَنَّ هَذَا صَدَرَ مِنْهُمْ مَعَ أَنَّ الرَّسُولَ إليهم هو عيسى بن مَرْيَمَ قَدْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ مَخْلُوقٌ مُصَوَّرٌ فِي الرَّحِمِ دَاعٍ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ بِالنَّارِ وَعَدَمِ الْفَوْزِ بِدَارِ الْقَرَارِ وَالْخِزْيِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَالْهَوَانِ وَالْعَارِ وَلِهَذَا قَالَ: (إِنَّهُ مِنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) ثُمَّ قَالَ: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ) قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِالْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ.
أُقْنُومُ الْأَبِ وَأُقْنُومُ الِابْنِ وَأُقْنُومُ الْكَلِمَةِ الْمُنْبَثِقَةِ مِنَ الْأَبِ إِلَى الِابْنِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا بَيْنَ الْمَلَكِيَّةِ وَالْيَعْقُوبِيَّةِ وَالنَّسْطُورِيَّةِ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ كَمَا سَنُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ وَمَجَامِعَهُمُ الثَّلَاثَةَ فِي زَمَنِ قُسْطَنْطِينَ بْنِ قَسْطَسَ وَذَلِكَ بَعْدَ الْمَسِيحِ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَقَبْلَ الْبَعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ) أَيْ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا كفؤ لَهُ وَلَا صَاحِبَةَ لَهُ وَلَا وَلَدَ ثُمَّ تَوَعَدَهُمْ وَتَهَدَّدَهُمْ فَقَالَ: (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ثُمَّ دَعَاهُمْ بِرَحْمَتِهِ وَلُطْفِهِ إِلَى التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْكِبَارِ
وَالْعَظَائِمِ الَّتِي تُوجِبُ النَّارَ فَقَالَ: (أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ الْمَسِيحِ وَأُمِّهِ وَأَنَّهُ عَبْدٌ رَسُولٌ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ أَيْ لَيْسَتْ بِفَاجِرَةٍ كَمَا يَقُولُهُ الْيَهُودُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَبِيَّةٍ كَمَا زَعَمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ علمائنا وقوله: (كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ) كِنَايَةٌ عَنْ خُرُوجِهِ مِنْهُمَا كَمَا يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِهِمَا أَيْ وَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ كَيْفَ يَكُونُ إِلَهًا تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ وَجَهْلِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثلاثة زعمهم في عيسى وأمه أنهما الإلهان مَعَ اللَّهِ يَعْنِي كَمَا بَيَّنَ تَعَالَى كُفْرَهُمْ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ الكريمة: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يا عيسى بن مَرْيَمَ أأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ.
قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ.
مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شئ شَهِيدٌ.
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [المائدة: 116 - 118] .
يخبر تعالى أنه يسأل عيسى بن مَرْيَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَامِ لَهُ وَالتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ لِعَابِدِيهِ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَيْهِ وَافْتَرَى وَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ أَوْ أَنَّهُ اللَّهُ أَوْ أَنَّهُ شَرِيكُهُ تَعَالَى اللَّهُ عمَّا يَقُولُونَ فَيَسْأَلُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ مَا يَسْأَلُهُ عَنْهُ وَلَكِنْ لِتَوْبِيخِ مَنْ كَذَبَ عليه فيقول له: (أأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ) أَيْ تَعَالَيْتَ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ شَرِيكٌ (مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ) أي ليس هذا يستحقه أحد سواك (وإن كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) .
وهذا

نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست