responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 150
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " إِيَّاكَ وَإِسْبَالُ الْإِزَارِ فَإِنَّهَا من المخيلة لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ " (1) كَمَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) وَلَمَّا نَهَاهُ عَنِ الِاخْتِيَالِ فِي الْمَشْيِ أَمَرَهُ بالقصد فيه، فإنه لا بد لَهُ أَنْ يَمْشِيَ فَنَهَاهُ عَنِ الشَّرِّ وَأَمَرَهُ بالخير، فقال: (واقصد في مشيك) أَيْ لَا تَتَبَاطَأْ مُفْرِطًا وَلَا تُسْرِعْ إِسْرَاعًا مُفْرِطًا وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً) [الفرقان: 63] ثُمَّ قَالَ: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) [لقمان: 19] يَعْنِي إذا تكلمت لا تَتَكَلَّفْ رَفْعَ صَوْتِكَ، فَإِنَّ أَرْفَعَ الْأَصْوَاتِ وَأَنْكَرَهَا صَوْتُ الْحَمِيرِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْأَمْرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ الْحَمِيرِ بِاللَّيْلِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا [2] ، وَلِهَذَا نُهِيَ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ حَيْثُ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْعُطَاسِ فَيُسْتَحَبُّ خَفْضُ الصَّوْتِ، وَتَخْمِيرُ الْوَجْهِ كَمَا ثَبَتَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ صَنِيعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ، وَعِنْدَ الدُّعَاءِ إِلَى الْفِئَةِ لِلْقِتَالِ، وَعِنْدَ الإهلاك وَنَحْوِ ذَلِكَ فَذَلِكَ مَشْرُوعٌ فَهَذَا مِمَّا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ لُقْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي القرآن من الحكم وَالْوَصَايَا النَّافِعَةِ الْجَامِعَةِ لِلْخَيْرِ الْمَانِعَةِ مِنَ الشَّرِّ وَقَدْ وَرَدَتْ آثَارٌ كَثِيرَةٌ فِي أَخْبَارِهِ وَمَوَاعِظِهِ وَقَدْ كَانَ لَهُ كِتَابٌ يُؤْثَرُ عَنْهُ يُسَمَّى بِحِكْمَةِ لُقْمَانَ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَيَسَّرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ المبارك، أنبأنا سفيان، أخبرني نهيك ابن يجمع الضَّبِّيُّ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ
كَانَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا اسْتُودِعَ شَيْئًا حَفِظَهُ " [3] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حدَّثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم قال: " قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ إياك والتقنع فإنه مخونة بالليل مذمة بِالنَّهَارِ ".
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بن عمارة، حدَّثنا ضَمْرَةُ، حدَّثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: " يَا بُنَيَّ إِنَّ الْحِكْمَةَ أَجْلَسَتِ الْمَسَاكِينَ مَجَالِسَ الْمُلُوكِ " وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِذَا أتيت نادي قوم فأدمهم بسهم الإسلام - يعني السلام - ثم اجلس بناحيتهم فَلَا تَنْطِقُ حَتَّى تَرَاهُمْ قَدْ نَطَقُوا، فَإِنْ أَفَاضُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ فَأَجِلْ سَهْمَكَ مَعَهُمْ، وإن

أخرجه أحمد في مسنده 4 / 65، 5 / 63، 64، 378 وأخرجه أبو داود في سننه كتاب اللباس باب 24.
[2] أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق (15) وأبو داود في كتاب الادب (106) والترمذي في كتاب الدعوات (56) .
أقول في الآية: - دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطبة والملاحاة بقبح أصوات الحمير لانها عالية.
- هذه الآية أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا بهم، أو بترك الصياح جملة.
[3] مسند أحمد ج 2 / 87.
[*]
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست