responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 99
النَّاسِ أَخَاهُ مُحَمَّدًا، فَازْدَادَ النَّاسُ حَنَقًا عَلَى الْمَنْصُورِ وَأَصْبَحَ فَعَسْكَرَ بِالنَّاسِ وَاسْتَنَابَ عَلَى الْبَصْرَةِ نُمَيْلَةَ وَخَلَّفَ ابْنَهُ حَسَنًا مَعَهُ.
وَلَمَّا بَلَغَ الْمَنْصُورَ خَبَرُهُ تَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ وَجَعَلَ يَتَأَسَّفُ عَلَى مَا فَرَّقَ مِنْ جُنْدِهِ فِي الْمَمَالِكِ، وَكَانَ قَدْ بَعَثَ مَعَ ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ ثَلَاثِينَ ألفاً إلى الري، وبعث مع محمد بن الأشعث إلى إفريقية أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَالْبَاقُونَ مَعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى بالحجاز، ولم يبق مع المنصور سوى ألفي فارس.
وكان يَأْمُرُ بِالنِّيرَانِ الْكَثِيرَةِ فَتُوقَدُ لَيْلًا، فَيَحْسَبُ النَّاظِرُ إليها أن ثمَّ جنداً كثيراً.
ثُمَّ كَتَبَ الْمَنْصُورُ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى: إِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ مِنْ فَوْرِكَ وَدَعْ كُلَّ مَا أَنْتَ فِيهِ.
فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بِالْبَصْرَةِ وَلَا يَهُولَنَّكَ كَثْرَةُ مَنْ مَعَهُ، فإنهم جَمَلَا بَنِي هَاشِمٍ الْمَقْتُولَانِ جَمِيعًا، فَابْسُطْ يَدَكَ وَثِقْ بِمَا عِنْدَكَ وَسَتَذْكُرُ مَا أَقُولُ لَكَ فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْمَنْصُورُ.
وَكَتَبَ الْمَنْصُورُ إِلَى ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ أَنْ يُوَجِّهَ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ إِلَى الْأَهْوَازِ، فَذَهَبَ إِلَيْهَا فَأَخْرَجَ مِنْهَا نَائِبَ إِبْرَاهِيمَ - وَهُوَ الْمُغِيرَةُ -
وَأَبَاحَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَرَجَعَ الْمُغِيرَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَكَذَلِكَ بَعَثَ إِلَى كُلِّ كُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الكور التي نقضت بيعته جنداً يردون أهلها إِلَى الطَّاعَةِ.
قَالُوا: وَلَزِمَ الْمَنْصُورُ مَوْضِعَ مُصَلَّاهُ فلا يبرح منه ليلاً ونهاراً في ثيابٍ بذلةٍ قَدِ اتَّسَخَتْ، فَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا هُنَاكَ بِضْعًا وَخَمْسِينَ يَوْمًا حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
وَقَدْ قيل له في غبون ذلك: إن نساءك قد خبثت نفسهن لِغَيْبَتِكَ عَنْهُنَّ.
فَانْتَهَرَ الْقَائِلَ وَقَالَ: وَيْحَكَ لَيْسَتْ هَذِهِ أَيَّامَ نِسَاءٍ، حَتَّى أَرَى رَأْسَ إِبْرَاهِيمَ بَيْنَ يَدَيَّ، أَوْ يُحْمَلَ رَأْسِي إِلَيْهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَخَلْتُ عَلَى الْمَنْصُورِ وَهُوَ مَهْمُومٌ مِنْ كثرة ما وقع من الشرور، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُتَابِعَ الْكَلَامَ مِنْ كثرة همه، وما تفتق عليه من الفتوق والخروق، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ أَعَدَّ لِكُلِّ أَمْرٍ ما يسد خلله به، وَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ يَدِهِ الْبَصْرَةُ وَالْأَهْوَازُ وَأَرْضُ فارس وَالْمَدَائِنُ وَأَرْضُ السَّوَادِ، وَفِي الْكُوفَةِ عِنْدَهُ مِائَةُ ألف مغمدة سيوفها تنتظر به صيحة واحدة، فيثبون مَعَ إِبْرَاهِيمَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَعْرُكُ النَّوَائِبَ وَيَمْرُسُهَا وَلَمْ تَقْعُدْ بِهِ نَفْسُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّاعر: نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامَا * وَعَلَّمَتْهُ الْكَرَّ وَالْإِقْدَامَا فَصَيَّرَتْهُ مَلِكًا هُمَامَا وَأَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بعساكر مَنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فِي مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ عِيسَى بْنَ مُوسَى في خمسة عشر ألفاً، وعلى مقدمته حيمد بْنُ قَحْطَبَةَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ.
وَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ فنزل في باخمرى [1] فِي جَحَافِلَ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ: إِنَّكَ قَدِ اقْتَرَبْتَ مِنَ الْمَنْصُورِ فَلَوْ أَنَّكَ سرت إليه بطائفة من جيشك لَأَخَذْتَ بِقَفَاهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الْجُيُوشِ ما يردون عنه.
وقال آخرون: إِنَّ الْأَوْلَى أَنْ نُنَاجِزَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بِإِزَائِنَا، ثُمَّ هُوَ فِي قَبْضَتِنَا.
فَثَنَاهُمْ ذَلِكَ عَنِ الرأي الأول.
ولو فعله لتم لهم

[1] وهي من الكوفة على ستة عشر فرسخا من أرض الطف.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست