نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير جلد : 10 صفحه : 329
قلت أما أبو الحسن المدائني فاسمه علي بن الْمَدَائِنِيُّ أَحَدُ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ، وَإِمَامُ الْأَخْبَارِيِّينَ في
زمانه، وقد قدمنا ذكر وفاته قبل هذه السنة.
وأما: أَبُو تَمَّامٍ الطَّائِيُّ الشَّاعِرُ صَاحِبُ الْحَمَاسَةِ الَّتِي جمعها في فضل النساء بهمدان فِي دَارِ وَزِيرِهَا.
فَهُوَ حَبِيبُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الْأَشَجِّ بْنِ يحيى أبو تمام الطائي الشاعر الأديب.
وَنَقَلَ الْخَطِيبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصُّولِيِّ: أَنَّهُ حَكَى عَنْ بَعْضِ [1] النَّاسِ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَبُو تَمَّامٍ حَبِيبُ بْنُ تَدْرُسَ [2] النَّصْرَانِيِّ، فَسَمَّاهُ أبوه حبيب أوس بَدَلَ تَدْرُسَ.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَأَصْلُهُ مِنْ قَرْيَةِ جَاسِمٍ مِنْ عَمَلِ الْجَيْدُورِ بِالْقُرْبِ مِنْ طَبَرِيَّةَ، وَكَانَ بِدِمَشْقَ يَعْمَلُ عِنْدَ حَائِكٍ، ثُمَّ سار به إِلَى مِصْرَ فِي شَبِيبَتِهِ.
وَابْنُ خِلِّكَانَ أَخَذَ ذلك من تاريخ ابن عساكر، وقد ترجم له أبو تمام ترجمة حسنة.
قال الخطيب: وَهُوَ شَامِيُّ الْأَصْلِ، وَكَانَ بِمِصْرَ فِي حَدَاثَتِهِ يَسْقِي الْمَاءَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، ثُمَّ جَالَسَ بعض الأدباء فأخذ عنهم وَكَانَ فَطِنًا فَهْمًا، وَكَانَ يُحِبُّ الشِّعْرَ فَلَمْ يَزَلْ يُعَانِيهِ حَتَّى قَالَ الشِّعْرَ فَأَجَادَ، وَشَاعَ ذكره وَبَلَغَ الْمُعْتَصِمَ خَبَرُهُ فَحَمَلَهُ إِلَيْهِ وَهُوَ بِسُرَّ من رأى، فعمل فيه قصائد فأجازه وقدمه على شعراء وقته، قدم بَغْدَادَ فَجَالَسَ الْأُدَبَاءَ وَعَاشَرَ الْعُلَمَاءَ، وَكَانَ مَوْصُوفًا بالظرف وحسن الأخلاق.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ أخباراً بسنده.
قال ابن خلكان: كان يحفظ أربعة عشر أَلْفَ أُرْجُوزَةٍ لِلْعَرَبِ غَيْرَ الْقَصَائِدِ وَالْمَقَاطِيعِ وَغَيْرَ ذلك، وكان يقال: في طئ ثَلَاثَةٌ: حَاتِمٌ فِي كَرَمِهِ [3] ، وَدَاوُدُ الطَّائِيُّ فِي زهده، وأبو تمام في شعره.
وَقَدْ كَانَ الشُّعَرَاءُ فِي زَمَانِهِ جَمَاعَةً فَمِنْ مشاهيرهم أبو الشيص، ودعبل، وابن أبي قيس، وكان أَبُو تَمَّامٍ مِنْ خِيَارِهِمْ دِينًا وَأَدَبًا وَأَخْلَاقًا.
وَمِنْ رَقِيقِ شِعْرِهِ قَوْلُهُ: يَا حَلِيفَ النَّدَى وما معدن الجود * ويا خير من حويت الْقَرِيضَا لَيْتَ حُمَّاكَ بِي وَكَانَ لَكَ الْأَجْ * ر فلا تشكي وَكُنْتُ الْمَرِيضَا وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ أَنَّ أَبَا تَمَّامٍ توفي في سنة إحدى وثلاثين وَمِائَتَيْنِ وَكَذَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [4] .
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَتْ وفاته بالموصل، وبنيت على قبره قبة، وقد رثاه الوزير محمد بن عبد الملك الزيات فقال: [1] في الموازنة للآمدي 1 / 534: عند أكثر الناس. [2] في ابن خلكان 2 / 11 والموازنة: تدوس. [3] في ابن خلكان 2 / 14: جوده. [4] لم يأت ابن جرير في حوادث سنة 231 على ذكر أبي تمام، بل ذكر وفاته في سنة 228 وقد تقدم ذلك.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير جلد : 10 صفحه : 329