responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 111
السَّفَّاحِ - وَسَلَّمَ إِلَيْهِ عمَّه عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ [1] وَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذَا عَدُوِّي وَعَدُوُّكَ، فاقتله في غيبتي عنك ولا تتوانى.
وَسَارَ الْمَنْصُورُ إِلَى الْحَجِّ وَجَعَلَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ مِنَ الطَّرِيقِ يَسْتَحِثُّهُ فِي ذَلِكَ وَيَقُولُ لَهُ: ماذا صنعت فيما أودعت إِلَيْكَ فِيهِ؟ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.
وَأَمَّا عِيسَى بْنُ مُوسَى فَإِنَّهُ لَمَّا تَسَلَّمَ عَمَّهُ حَارَ فِي أَمْرِهِ وَشَاوَرَ بَعْضَ أَهْلِهِ فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ لَهُ رَأْيٌ أَنَّ الْمُصْلِحَةَ تَقْتَضِي أَنْ لا تقتله وأبقه عِنْدَكَ وَأَظْهِرْ قَتْلَهُ فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يُطَالِبَكَ بِهِ جَهْرَةً فَتَقُولَ: قَتَلْتُهُ، فَيَأْمُرُ بِالْقَوْدِ فَتَدَّعِي أنه أمرك بقتله بالسر بينك وبينه فَتَعْجِزُ عَنْ إِثْبَاتِ ذَلِكَ فَيَقْتُلُكَ بِهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ الْمَنْصُورُ قَتْلَهُ وَقَتْلَكَ لِيَسْتَرِيحَ مِنْكُمَا مَعًا.
فتغير عِيسَى بْنُ مُوسَى عِنْدَ ذَلِكَ وَأَخْفَى عَمَّهُ وَأَظْهَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ.
فَلَمَّا رَجَعَ الْمَنْصُورُ مِنَ الْحَجِّ أَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَيَشْفَعُوا في عمَّه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَلَحُّوا فِي ذَلِكَ فأجابهم إلى ذلك، وَاسْتَدْعَى عِيسَى بْنَ مُوسَى وَقَالَ لَهُ: إِنَّ هؤلاء شفعوا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَقَدْ أَجَبْتُهُمْ إلى ذلك فَسَلِّمْهُ إِلَيْهِمْ.
فَقَالَ عِيسَى: وَأَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ؟ ذَاكَ قَتَلْتُهُ مُنْذُ أَمَرْتَنِي.
فَقَالَ الْمَنْصُورُ: لَمْ آمرك بذلك، وجحد ذلك وأن يكون تقدم إليه منه أمره في ذلك، فأحضر عيسى الكتب التي كتبها إليه المنصور مرة بعد مرة في ذلك فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ ذَلِكَ، وَصَمَّمَ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَصَمَّمَ عِيسَى بْنُ مُوسَى أَنَّهُ قَدْ قتله، فأمر المنصور عند ذلك بقتل عيسى بن موسى قِصَاصًا بِعَبْدِ اللَّهِ، فَخَرَجَ بِهِ بَنُو هَاشِمٍ ليقتلوه، فلما جاؤوا بِالسَّيْفِ قَالَ: رَدُّونِي إِلَى الْخَلِيفَةِ، فَرَدُّوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ عَمَّكَ حَاضِرٌ وَلَمْ أَقْتُلْهُ، فَقَالَ: هَلُمَّ بِهِ.
فَأَحْضُرُهُ فَسُقِطَ فِي يَدِ الخليفة وأمر بسجنه بدار جُدْرَانُهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى مِلْحٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ أُرْسِلَ عَلَى جُدْرَانِهَا الْمَاءُ فَسَقَطَ عَلَيْهِ البناء فهلك.
ثُمَّ إِنَّ الْمَنْصُورَ خَلَعَ عِيسَى بْنَ مُوسَى عَنْ وِلَايَةِ الْعَهْدِ وَقَدَّمَ عَلَيْهِ ابْنَهُ الْمَهْدِيَّ، وكان يجلسه فوق عيسى بن موسى عن يمينه، ثم كان لَا يَلْتَفِتُ إِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى وَيُهِينُهُ فِي الْإِذْنِ وَالْمَشُورَةِ وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ عنده، ثُمَّ مَا زَالَ يُقْصِيهِ وَيُبْعِدُهُ وَيَتَهَدَّدُهُ وَيَتَوَعَّدُهُ حَتَّى خَلَعَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ، وَبَايَعَ لِمُحَمَّدٍ ابْنِ منصور وَأَعْطَاهُ الْمَنْصُورُ عَلَى ذَلِكَ نَحْوًا مِنَ اثَّنَى عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَانْصَلَحَ أَمْرُ عِيسَى بْنِ مُوسَى وَبَنِيهِ عِنْدَ الْمَنْصُورِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بَعْدَمَا كَانَ قَدْ أَعْرَضَ عَنْهُ.
وَكَانَ قَدْ جرت بينهما قبل ذلك
مكاتبات في ذلك كثيرة جداً، ومراودات فِي تَمْهِيدِ الْبَيْعَةِ لِابْنِهِ الْمَهْدِيِّ وَخَلْعِ عِيسَى نَفْسَهُ، وَأَنَّ الْعَامَّةَ لَا يَعْدِلُونَ بِالْمَهْدِيِّ أَحَدًا.
وَكَذَلِكَ الْأُمَرَاءُ وَالْخَوَاصُّ.
وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَجَابَ إِلَى ذَلِكَ مُكْرَهًا، فَعَوَّضَهُ عَنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا، وَسَارَتْ بَيْعَةُ الْمَهْدِيِّ فِي الْآفَاقِ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَبُعْدًا وَقُرْبًا، وَفَرِحَ الْمَنْصُورُ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَاسْتَقَرَّتِ الْخِلَافَةُ فِي ذُرِّيَّتِهِ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا، فَلَمْ يَكُنْ خَلِيفَةٌ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَّا مِنْ سُلَالَتِهِ (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ العليم) [الانعام: 96] .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وَهَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ صَاحِبُ الحسن البصري.

[1] في الطبري 9 / 264 وابن الاثير 5 / 581: كان ذلك بعد أن خلع عيسى بن موسى نفسه من ولاية عهد المنصور بأشهر.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست