responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 104
عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الْقَضَاءَ وَالْمَظَالِمَ فَامْتَنَعَ، فَحَلَفَ أن لا يقلع عنه حتى يعمل له، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ فَدَعَا بِقَصَبَةٍ فَعَدَّ اللَّبِنَ لِيُبِرَّ بِذَلِكَ يَمِينَ أَبِي جَعْفَرٍ، وَمَاتَ أبو حنيفة ببغداد بعد ذلك.
وذكر أن خالد ابن بَرْمَكَ هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْمَنْصُورِ بِبِنَائِهَا، وأنه كان مستحثاً فيها للصناع، وَقَدْ شَاوَرَ الْمَنْصُورُ الْأُمَرَاءَ فِي نَقْلِ الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ مِنَ الْمَدَائِنِ إِلَى بَغْدَادَ لِأَجْلِ قَصْرِ الإمارة بها، فقالوا: لَا تَفْعَلْ فَإِنَّهُ آيَةٌ فِي الْعَالَمِ، وَفِيهِ مُصَلَّى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
فخالفهم وَنَقَلَ مِنْهُ شَيْئًا كَثِيرًا فَلَمْ يَفِ مَا تَحَصَّلَ مِنْهُ بِأُجْرَةِ مَا يُصْرَفُ فِي حَمْلِهِ فتركه، ونقل أبواب قصر واسط إلى أبواب قصر الإمارة ببغداد.
وقد كان الحجاج نقل حجارته مِنْ مَدِينَةٍ هُنَاكَ [1] كَانَتْ مِنْ بِنَاءِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَكَانَتِ الْجِنُّ قَدْ عَمِلَتْ تِلْكَ الأبواب، وهي حجارة هائلة.
وقد كانت الأسواق وضجيجها تسمع من قصر الإمارة، فكانت أصواب الباعة وهو سات الْأَسْوَاقِ تُسْمَعُ مِنْهُ، فَعَابَ ذَلِكَ بَعْضُ بَطَارِقَةِ النَّصَارَى مِمَّنْ قَدِمَ فِي بَعْضِ الرَّسَائِلِ مِنَ الرُّومِ، فَأَمَرَ الْمَنْصُورُ بِنَقْلِ الْأَسْوَاقِ مِنْ هُنَاكَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ (2) ، وَأَمَرَ بِتَوْسِعَةِ الطُّرُقَاتِ أَرْبَعِينَ ذراعاً في أربعين ذراعاً، ومن بنى في شئ مِنْ ذَلِكَ هُدِمَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَذُكِرَ عن عيسى بن الْمَنْصُورِ أَنَّهُ قَالَ: وَجَدْتُ فِي خَزَائِنِ الْمَنْصُورِ في الكتب إنه أنفق على بناء مَدِينَةِ السَّلَامِ وَمَسْجِدِهَا الْجَامِعِ وَقَصْرِ الذَّهَبِ بِهَا والأسواق وغير ذلك، أربعة آلاف ألف وثمانمائة ألف وثلاثة وثمانين ألف درهم، وكان أجرة الأستاذ من البنائين كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَ فِضَّةٍ، وَأُجْرَةُ الصَّانِعِ مِنَ الحبتين إلى الثلاثة.
قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: وَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ، وَحَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: أنفق عليه ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْمَنْصُورَ نَاقَصَ أَحَدَ الْمُهَنْدِسِينَ [3] الَّذِي بَنَى لَهُ بَيْتًا حَسَنًا فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ فَنَقَصَهُ دِرْهَمًا عَمَّا سَاوَمَهُ، وَأَنَّهُ حَاسَبَ بَعْضَ الْمُسْتَحَثِّينَ عَلَى الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ فَفَضَلَ عنده خمسة عشر درهماً فحبسه حتى جاء بها وأحضرها وكان شحيحاً.
قال الخطيب: وبناها مدورة، ولا يعرف في أقطار الأرض مَدِينَةٌ مُدَوَّرَةٌ سِوَاهَا، وَوَضَعَ أَسَاسَهَا فِي وَقْتٍ اختاره له نوبخت المنجم.
ثم ذكر عَنْ بَعْضِ
الْمُنَجِّمِينَ قَالَ: قَالَ لِي الْمَنْصُورُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ بَغْدَادَ: خُذِ الطَّالِعَ لها، فنطرت فِي طَالِعِهَا - وَكَانَ الْمُشْتَرِي فِي الْقَوْسِ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ النُّجُومُ، مِنْ طُولِ زَمَانِهَا، وَكَثْرَةِ عِمَارَتِهَا، وَانْصِبَابِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا وَفَقْرِ النَّاسِ إِلَى مَا فِيهَا.
قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: وأبشرك يا أمير المؤمنين أَنَّهُ لَا يَمُوتُ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ أَبَدًا.
قَالَ: فَرَأَيْتُهُ يَبْتَسِمُ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.
وَذَكَرَ عَنْ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا مِنْهُ:

[1] يقال لها مدينة الزند ورد، وفي معجم البلدان (بغداد) : بزند ورد (2) قال ابن الأثير 5 / 574: وقيل: إنما أخرجهم لان الغرباء يطرقونها ويبيتون فيها وربما كان فيهم الجاسوس.
ومن يتعرف الاخبار أو أن يفتح أبواب المدينة ليلا لموضع السوق (انظر الطبري 9 / 262) .
[3] وهو خالد بن الصلت وكان أبو جعفر قد ولاه النفقة على أحد أرباع المدينة وهي تبنى.
(*)
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 10  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست