responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 219
أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ) وَلَمْ يَقُلْ أَخُوهُمْ كَمَا قَالَ: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً) .
وَالثَّانِي أَنَّهُ ذَكَرَ عَذَابَهُمْ بِيَوْمِ الظُّلَّةِ وَذَكَرَ فِي أُولَئِكَ الرَّجْفَةَ أَوِ الصَّيْحَةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أنَّه لَمْ يَذْكُرِ الْأُخُوَّةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) لِأَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَيْكَةِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرُ الأخوة ههنا ولما نسبهم إلى القبيلة شاع ذِكْرُ شُعَيْبٍ بِأَنَّهُ أَخُوهُمْ * وَهَذَا الْفَرْقُ مِنَ النَّفَائِسِ اللَّطِيفَةِ الْعَزِيزَةِ الشَّرِيفَةِ * وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِيَوْمِ الظُّلَّةِ فَإِنْ كَانَ دَلِيلًا بِمُجَرَّدِهِ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ أُمَّةٌ أُخْرَى فَلْيَكُنْ تَعْدَادُ الِانْتِقَامِ بِالرَّجْفَةِ وَالصَّيْحَةِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمَا أُمَّتَانِ أُخْرَيَانِ وَهَذَا لا يقوله أحد يفهم شيأ مِنْ هَذَا الشَّأْنِ * فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ النَّبِيِّ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ شفيق بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: " إِنَّ مَدْيَنَ وَأَصْحَابَ الْأَيْكَةِ أُمَّتَانِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا شُعَيْبًا النَّبيّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ".
فَإِنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَفِي رِجَالِهِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ * وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِمَّا أَصَابَهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ مِنْ تِلْكَ الزَّامِلَتَيْنِ مِنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ * ثُمَّ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَنْ أَهْلِ الْأَيْكَةِ مِنَ الْمَذَمَّةِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَهْلِ مَدْيَنَ مِنَ التَّطْفِيفِ فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ أُهْلِكُوا بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ * وَذَكَرَ فِي كل موضع ما يناسب من
الْخِطَابَ.
وَقَوْلُهُ (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ذَكَرُوا أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ حَرٌّ شَدِيدٌ وَأَسْكَنَ اللَّهُ هُبُوبَ الْهَوَاءِ عَنْهُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَكَانَ لَا يَنْفَعُهُمْ مَعَ ذَلِكَ مَاءٌ وَلَا ظِلٌّ وَلَا دُخُولُهُمْ فِي الْأَسْرَابِ فَهَرَبُوا مِنْ مَحَلَّتِهِمْ إِلَى البرية فأظلتهم سحابة، فاجتمعوا تحتها ليسظلوا بظلها، فلما تكاملوا فيه أرسلها الله ترميهم بشرر وشهب، وَرَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ وَجَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَأَزْهَقَتِ الْأَرْوَاحَ، وَخَرَّبَتِ الْأَشْبَاحَ.
(فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 91 - 92] .
(وَنَجَّى اللَّهُ شُعَيْبًا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ.
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ) [هُودٍ: 94 - 95] .
وقال تعالى (وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ.
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 90 - 92] .
وَهَذَا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِمْ (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ) [الأعراف: 93] ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِمْ أَنَّهُ نَعَاهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ مُوَبِّخًا وَمُؤَنِّبًا وَمُقَرِّعًا فَقَالَ تَعَالَى (يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ) [الأعراف: 93] أَيْ أَعْرَضَ عَنْهُمْ مولياً عن محلتهم بعد هلكتهم قَائِلًا (يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) أَيْ قَدْ أَدَّيْتُ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيَّ مِنَ الْبَلَاغِ التَّامِّ وَالنُّصْحِ

نام کتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست