وثباته وإن لم يدرك حدّه وحقيقته فالعلم اعمّ وابلغ لأن كلّ معلوم معروف وليس كلّ معروف معلوماً ألا ترى أنّ الموحّدين يعرفون ربّهم ولا يعلمونه إلا بالإثبات لأنَّ الكيفيّة والكميّة عنه منفيتانِ، والوّهْم اعتقاد صورة شيء محسوس أو مظنون وان كان منفياً وجودُه في الظاهر لأنَّ قوة الوهم في انبساطها تضعُف فلذلك [ترى] ما لا تراه العيون وكذلك العين إذا امتدت قوّة بصرها وبعدت مسافة المرئيّ عنها رأته على خلاف ما هو به من الصغَر والعظم والصورة واللون وغير ذلك من الهيئات وما خلا عن الهيئات والصفات والحدود كلّها فلا يمسّها الوهم ولا يتصوّر في النفس والفهم هو المعرفة وقوّة الذهن قريبة من قوّة العقل غير أنّ الذهن والفهم تطبّع والفطنة قريبة المعنى من الذهن وانّما احتجنا إلى هذا لأن كثيراً من الناس يولعون بالبحث عن هذه الأسامي ويستفرقون بينها وأما الأسباب التي يتوصّل بها إلى ما خفى من العلم فالفكرة وهي البحث عن علّة الشيء وحدّه الرأي والرويّة والاستنباط انتزاع ما في طي المعقول والمحسوس والاستدلال والاجتهاد وقد عدّ قومٌ ميل العادة والطبع إلا ما يميلان إليه