responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى نویسنده : الناصري، أحمد بن خالد    جلد : 2  صفحه : 38
بِمَدِينَة الزهراء الَّتِي بناها عبد الرَّحْمَن النَّاصِر لدين الله وأبدع فِي تشييدها وتنجيدها وتتردد الْمَرْأَة مَعَ ذَلِك إِلَى الْجَامِع الْمَذْكُور حَتَّى تكون وِلَادَتهَا بَين طيب نسيم الزهراء وفضيلة مَوضِع الْكَنِيسَة وَكَانَ الرَّسُول فِي ذَلِك يَهُودِيّا وَكَانَ وزيرا للأذفونش فَامْتنعَ ابْن عباد من ذَلِك فَرَاجعه الْيَهُودِيّ وَأَغْلظ لَهُ فِي القَوْل ولسعه بِكَلِمَة آسفته فَأخذ ابْن عباد محبرة كَانَت بَين يَدَيْهِ وَضرب بهَا رَأس الْيَهُودِيّ فَأنْزل دماغه فِي حلقه وَأمر بِهِ فصلب منكوسا بقرطبة
وَلما سكن غَضَبه استفتى الْفُقَهَاء عَن حكم مَا فعله باليهودي فبادره الْفَقِيه مُحَمَّد بن الطلاع بِالرُّخْصَةِ فِي ذَلِك لتعدي الرَّسُول حُدُود الرسَالَة إِلَى مَا اسْتوْجبَ بِهِ الْقَتْل إِذْ لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَقَالَ للفقهاء إِنَّمَا بادرت بالفتوى خوفًا أَن يكسل الرجل عَمَّا عزم عَلَيْهِ من منابذة الْعَدو وَعَسَى الله أَن يَجْعَل فِي عزيمته للْمُسلمين خيرا
وَبلغ الأذفونش مَا صنعه ابْن عباد فأقسم بآلهته ليغزونه بإشبيلية وليحاصرنه فِي قصره ثمَّ زحف فِي عسكرين أَحدهمَا عَلَيْهِ وَالْآخر على بعض قواده حَتَّى نزل على ضفة النَّهر الْأَعْظَم بإشبيلية قبالة قصر ابْن عباد وَفِي أَيَّام مقَامه هُنَالك كتب إِلَى ابْن عباد زاريا عَلَيْهِ كثر بطول مقَامي فِي مجلسي هَذَا عَليّ الذُّبَاب وَاشْتَدَّ الْحر فأتحفني من قصرك بمروحة أروح بهَا على نَفسِي وَأطْرد بهَا الذُّبَاب عَن وَجْهي فَوَقع لَهُ ابْن عباد بِخَط يَده فِي ظهر الرقعة قَرَأت كتابك وفهمت خيلاءك وإعجابك وسأنظر لَك فِي مراوح من جُلُود اللمط تروح مِنْك لَا عَلَيْك إِن شَاءَ الله فَلَمَّا وصلت رِسَالَة ابْن عباد الأذفونش وقرئت عَلَيْهِ وَفهم مقتضاها أطرق إطراق من لم يخْطر لَهُ ذَلِك ببال وَفَشَا فِي الأندلس توقيع ابْن عباد وَمَا أظهر من الْعَزِيمَة على إجَازَة يُوسُف بن تاشفين والاستظهار بِهِ على الْعَدو فَاسْتَبْشَرَ النَّاس وفرحوا بذلك وانفتحت لَهُم أَبْوَاب الآمال
وَأما مُلُوك طوائف الأندلس فَلَمَّا تحققوا عزم ابْن عباد وانفراده بِرَأْيهِ فِي ذَلِك اهتموا مِنْهُ فَمنهمْ من كَاتبه وَمِنْهُم من شافهه وَحَذرُوهُ عَاقِبَة ذَلِك وَقَالُوا لَهُ الْملك الْعَقِيم والسيفان لَا يَجْتَمِعَانِ فِي غمد فأجابهم ابْن عباد بكلمته

نام کتاب : الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى نویسنده : الناصري، أحمد بن خالد    جلد : 2  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست