فأنشأ عبد الرحمن يقول:
منخرق الخفين يشكو الوجى ... تنكئه اطراف مرو حداد [1]
اخرجه الخذلان عن أرضه ... كذلك من يكره حر الجلاد
ان كان في الموت له راحة ... فالموت حتم في رقاب العباد
فقال الرجل:
فهلا ثبت، فنقاتل معك.
فقال له عبد الرحمن:
اوبمثلك تسد الثغور؟!.
ومضى عبد الرحمن حتى استجار بملك الاتراك، فأقام عنده.
فكتب عبد الملك الى ملك الاتراك، يخبره بشقاق عبد الرحمن، وخلعه الطاعة، وخروجه عليه، ويسأله ان يرده عليه.
فقال ملك الاتراك لطراخنته [2] :
ان ابن الاشعث هذا رجل مخالف للملوك، فلا ينبغى لي ان آويه، بل ابعث به الى ملكه، فيتولى من امره ما أحب.
فوجه به مع مائه رجل من ثقاته، فانزلوه في طريقه قصرا في قريه، فرقى الى ظهر القصر، ورمى بنفسه من السور، فمات.
وان أيوب بن القرية اسر فيمن اسر من اصحاب عبد الرحمن، فادخل به على الحجاج.
فلما ادخل عليه، قال له:
يا عدو الله، بعثتك رسولا الى عبد الرحمن، فتركت ما بعثت له، وصرت وزيرا ومشيرا، تصدر له الكتب، وتسجع له الكلام، وتدبر له الأمور.
[1] الوجى: الحفا، او أشد منه، ونكى: جرح، والمرو: حجارة بيض تورى النار. [2] جمع طرخان بالفتح وهو اسم للرئيس الشريف.