وكتب الى ابراهيم بن الاشتر فيمن كتب.
فاقبل ابراهيم بالكتاب مختوما فناوله مصعبا، وقال:
ايها الأمير، هذا كتاب الفاسق عبد الملك بن مروان.
قال له مصعب: فهلا قراته.
قال: ما كنت لافضه، ولا اقراه الا بعد قراءتك له.
ففضه مصعب، وإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عبد الملك امير المؤمنين الى ابراهيم ابن الاشتر، اما بعد، فانى اعلم ان تركك الدخول في طاعتي ليس الا عن معتبه، فلك الفرات وما سقى، فانجز الى فيمن أطاعك من قومك، والسلام.
فقال مصعب: فما يمنعك يا ابن النعمان؟
قال: لو جعل لي ما بين المشرق الى المغرب ما اعنت بنى اميه على ولد صفيه.
فقال مصعب: جزيت خيرا أبا النعمان.
فقال ابراهيم لمصعب: ايها الأمير، لست اشك ان عبد الملك قد كتب الى عظماء أصحابك بنحو مما كتب الى، وانهم قد مالوا اليه، فائذن لي في حبسهم الى فراغك، فان ظفرت مننت بهم على عشائرهم، وان تكن الاخرى كنت قد أخذت بالحزم.
قال مصعب: اذن يحتجوا على عند امير المؤمنين.
فقال ابراهيم: ايها الأمير، لا امير المؤمنين والله لك اليوم، وما هو الا الموت، فمت كريما.
فقال مصعب: يا أبا النعمان، انما هو انا وأنت فنقدم للموت.
قال ابراهيم: اذن، والله افعل.
قال: ولما نزلوا بدير الجاثليق [1] باتوا ليلتهم. [1] الجاثليق رئيس للنصارى في بلاد الاسلام بمدينه السلام، ويكون تحت يد بطريق أنطاكية، ثم المطران تحت يده، ثم الاسقف يكون في كل بلد من تحت المطران، ثم القسيس، ثم الشماس.