قالوا ولما فصل الحسين بن على من مكة سائرا، وقد وصل الى التنعيم [1] لحق عيرا مقبلة من اليمن، عليهما ورس [2] . وحناء، ينطلق به الى يزيد بن معاويه، فأخذها وما عليها.
وقال لأصحاب الإبل: من أحب منكم ان يسير معنا الى العراق اوفيناه كراه، واحسنا صحبته، ومن أحب ان يفارقنا من هاهنا اعطيناه من الكرى [3] بقدر ما قطع من الارض.
ففارقه قوم، ومضى معه آخرون.
ثم سار حتى إذا انتهى الى الصفاح [4] لقيه هناك الفرزدق الشاعر مقبلا من العراق، يريد مكة، فسلم على الحسين.
فقال له الحسين: كيف خلفت الناس بالعراق؟
قال: خلفتهم، وقلوبهم معك، وسيوفهم عليك.
ثم ودعه.
ومضى الحسين ع حتى إذا صار ببطن الرمة [5] كتب الى اهل الكوفه.
بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن على الى اخوانه من المؤمنين بالكوفه، سلام عليكم، اما بعد، فان كتاب مسلم بن عقيل ورد على باجتماعكم لي، وتشوفكم الى قدومى، وما أنتم عليه منطوون من نصرنا، والطلب بحقنا، فاحسن الله لنا ولكم الصنيع، واثابكم على ذلك بافضل الذخر، وكتابي إليكم من بطن الرمة، وانا قادم عليكم، وحثيث السير إليكم، والسلام. [1] مكان بين مكة والمدينة بالقرب من مكة. [2] الورس: نبت اصفر يكون باليمن تتخذ منه الغمرة للوجه [3] الاجر [4] موضع بين حنين وأنصاب الحرم يسره الداخل الى مكة، وصفاح نعمان جبال بين مكة والطائف. [5] قاع عظيم بنجد تصب فيه جماعه اوديه.