قال ابن زياد: لا والله، لا تفارقنى حتى تأتيني به.
فقال هانئ: او يجمل بي ان اسلم ضيفي وجارى للقتل؟ والله لا افعل ذلك ابدا.
فاعترضه ابن زياد بالخيزرانه، فضرب وجهه، وهشم انفه، وكسر حاجبه، وامر به، فادخل بيتا.
وبلغ مذحجا ان ابن زياد قد قتل هانئا، فاجتمعوا بباب القصر، وصاحوا.
فقال ابن زياد لشريح القاضى وكان عنده: ادخل الى صاحبهم، فانظر اليه، ثم اخرج اليهم، فاعلمهم انه حي. ففعل.
فقال لهم سيدهم عمرو بن الحجاج: اما إذ كان صاحبكم حيا فما يعجلكم الفتنة؟ انصرفوا. فانصرفوا.
فلما علم ابن زياد انهم قد انصرفوا امر بهانىء، فاتى به السوق، فضربت عنقه هناك.
ولما بلغ مسلم بن عقيل قتل هانئ بن عروه نادى فيمن كان بايعه، فاجتمعوا، فعقد لعبد الرحمن بن كريز الكندى على كنده وربيعه، وعقد لمسلم بن عوسجة على مذحج واسد، وعقد لأبي ثمامة الصيداوى على تميم وهمدان، وعقد للعباس بن جعدة بن هبيرة على قريش والانصار، فتقدموا جميعا حتى أحاطوا بالقصر، واتبعهم هو في بقية الناس.
وتحصن عبيد الله بن زياد في القصر مع من حضر مجلسه في ذلك اليوم من اشراف اهل الكوفه والأعوان والشرط، وكانوا مقدار مائتي رجل، فقاموا على سور القصر يرمون القوم بالمدر [1] والنشاب، ويمنعونهم من الدنو من القصر، فلم يزالوا بذلك حتى امسوا. [1] رماح كانت تركب فيها القرون المحدده مكان الأسنة.