الارض من أقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العيالات أهم إليك مما قدامك، وان العجم إذا رأوك عيانا قالوا، هذا ملك العرب كلها، فكان أشد لقتالهم، وانا لم نقاتل الناس على عهد نبينا ص ولا بعده بالكثرة، بل اكتب الى اهل الشام ان يقيم منهم بشامهم الثلثان، ويشخص الثلث، وكذلك الى عمان، وكذلك سائر الأمصار والكور.
فقال عمر: هو الرأي الذى كنت رايته، ولكنى احببت ان تتابعونى عليه، فكتب بذلك الى الأمصار، ثم قال: لاولين الحرب رجلا يكون غدا لاسنه القوم جزرا [1] . فولى الأمر النعمان بن مقرن المزنى، وكان من خيار اصحاب رسول الله ص، وكان على خراج كسكر، فدعا عمر السائب بن الأقرع، فدفع اليه عهد النعمان بن مقرن، وقال له: ان قتل النعمان فولى الأمر حذيفة بن اليمان، وان قتل حذيفة فولى الأمر جرير بن عبد الله البجلي، وان قتل جرير فالأمير المغيره ابن شعبه، وان قتل المغيره فالأمير الاشعث بن قيس.
وكتب الى النعمان بن مقرن ان قبلك رجلين هما فارسا العرب: عمرو بن معدى كرب، وطليحة بن خويلد فشاورهما في الحرب، ولا تولهما شيئا من الأمر، ثم قال للسائب: ان اظفر الله المسلمين فتول امر المغنم ولا ترفع الى باطلا، وان يهلك ذلك الجيش فاذهب، فلا ارينك.
فسار السائب حتى ورد الكوفه ودفع الى النعمان عهده، ووافت الامداد، وخلف ابو موسى بالبصرة ثلثى الناس، وسار بالثلث الآخر حتى وافى الكوفه، فتجهز الناس، وساروا الى نهاوند، فنزلوا بمكان يسمى الاسفيذهان [2] من مدينه نهاوند على ثلاثة فراسخ، قرب قريه يقال لها قديسجان، واقبلت الأعاجم يقودها مردان شاه بن هرمزد، حتى عسكروا قريبا من عسكر المسلمين، وخندقوا على انفسهم، واقام الفريقان بمكانهما، فقال النعمان لعمرو وطلحه: ما تريان؟ [1] الجزر: القطع والاستئصال. [2] كذا في الأصل، والصواب اسفيذبان واحده من قرى أصبهان.